كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

يُبقي (¬1) للعبد حسنةً بسبب كثرة سيئاته وغلبتها على حسناته، فلم يكن ذلك مانعاً من تدارُكِ رحمةِ الله للعبد المسلم، والحمد لله رب العالمين.
ويشهد له من القرآن تقسيمُ أهل الجنة، وقوله فيمن اصطفى: {فمنهم ظالمٌ لنفسه} [فاطر: 32] مع قوله: {وسلامٌ على عباده الذين اصطفى} [النمل: 59].
ومن ذلك وهو الرابع من أدلتهم، وهو يلحق بالنوع الثاني، منها ظواهر، ومطلقات، وعمومات، ربما وَهِمَ بعضهم أنها نصوص أو أوهمت عبارته ذلك، ولا نص فيها غير مُحتملٍ للتأويل مثل (¬2) قوله تعالى في الجواب على اليهود حين زعموا أنهم لا يكونون في النار إلاَّ أياماً معدودةً: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطيئاتُهُ (¬3) فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 81] والجواب من وجهين:
أحدهما: أن سبب نزول الآية في خطاب اليهود ورد قولهم بتقدير مكثهم في النار بالأيام المعدودة، وهي سبعة أيام (¬4)، فيما نقله المفسرون وقد ذكرنا أن
¬__________
(¬1) تحرفت في (ش) و (د) إلى: " ألا يبقى ".
(¬2) تحرفت في (ش) إلى: " من ".
(¬3) بالجمع وهي قراءة نافع، حمله على معنى الإحاطة، والإحاطة إنما تكون بكثرة المحيط، فحمله على معنى الكبائر، والسيئة: الشرك، وقرأ الباقون: " خطيئته " بالتوحيد على تأويل الخطيئة بالشرك فوحَّدوه على هذا المعنى وتكون السيئة الذنوب، وهي بمعنى السيئات، ويجوز أن تكون الخطيئة في معنى الجمع، لكن وحِّدَت كما وحدت السيئة، وهي بمعنى الجمع، فتكون كالقراءة بالجمع في المعنى. انظر " الكشف عن وجوه القراءات " 1/ 249.
(¬4) أخرجه الطبراني (11160) من طريق محمد بن إسحاق، عن سيف بن سليمان، عن مجاهد، عن ابن عباس أن يهود كانوا يقولون: هذه الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما تعذب لكل ألف سنة يوماً في النار، وإنما هي سبعة أيام معدودات، فأنزل الله عزَّ وجلَّ في ذلك: {وقالوا لن تمسنا النار إلاَّ أياماً معدودة} إلى قوله: {فيها خالدون}. =

الصفحة 83