كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

33]، فحكم لهم بالتقوى كما سيأتي تحقيقه لأنهم اتقوا الشرك بالله، وقد قال فيهم: {لِيُكَفِّرَ اللهُ عنهم أسْوَأ الذي عَمِلُوا} [الزمر: 35].
ومن ذلك قوله تعالى في تحريم الربا: {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 275]، وظاهرها في الكفار، لأنه قال في أولها:
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}، وهذا الكلام يخُصُّ الكافرين، لأنه صريح الإنكار لتحريم الربا، والاحتجاج على الله تعالى بالقياس كما احتج الشيطان في تفضيل نفسه على آدمَ، وإنما الذي يَخُصُّ المؤمن من وعيد الربا قوله تعالى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِه} وليس فيه ذكر الخلود، على أنه من أشَدِّ وعيدٍ، وأعظم تهديد.
ونحوه ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة، عنه - صلى الله عليه وسلم -: " أن الله تعالى يقول: من عادى لي ولياً فقد آذَنْتُه بحربٍ " (¬1). وكذلك جعل هذه الآية الآخرة في المؤمنين الواحديُّ في " أسباب النزول " (¬2).
وقد ثبت أن أكل الربا من السبع الموبقات (¬3)، وفي حديث سمرة في الرؤيا النبوية، رواه البخاري (¬4): " وأما الرجل الذي يسبح في النهر ويُلْقَمُ الحجارة، فإنه آكلُ الربا "، وهذا التفسير إشارة إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - قبله: "فأتينا على نهر -حسبتُ أنه قال:- أحمر مثل الدم، فإذا في النهر رجلٌ يسبح، وإذا على شَطِّ النهر رجلٌ قد جمع عنده حجارةً كثيرة، وإذا ذلك السابحُ يسبَحُ ما سَبَحَ، ثم يرجع إليه، كلما رجع إليه، فَغَرَ له فاه، فيُلقمه حجراً (¬5)، قال: قلتُ ما هذا؟
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه. وانظر " صحيح ابن حبان " (347).
(¬2) ص 58 - 59.
(¬3) أخرجه من حديث أبي هريرة: البخاري (2766) و (5764) و (6857)، ومسلم (89)، وأبو داود (2874)، والنسائي 6/ 257.
(¬4) رقم (1386) و (2085) و (7047).
(¬5) في (ف): " حجراً حجراً ".

الصفحة 93