كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 9)

[البدع وما تجر إليه]
وقد وقعت اللعنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل البدع، وأن الله لا يقبل منهم صرفا ولا عدلا، ولا فريضة ولا تطوعا، وكلما زادوا اجتهادا وصوما وصلاة، ازدادوا من الله بعدا، فارفض مجالسهم، وأذلهم وأبعدهم كما أبعدهم الله، وأذلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى بعده، انتهى كلام أسد رحمه الله.
واعلم رحمك الله: أن كلامه، وما يأتي من كلام أمثاله من السلف، في معاداة أهل البدع والضلالة، ضلالة لا تخرج عن الملة، لكنهم شددوا في ذلك، وحذروا منه لأمرين.
الأمر الأول: غلظ البدعة في الدين، في نفسها، فهي عندهم أجل من الكبائر، ويعاملون أهلها بأغلظ مما يعاملون به أهل الكبائر، كما تجد قلوب الناس اليوم أن الرافضي عندهم، ولو كان عالما عابدا، أبغض وأشد ذنبا من السني المجاهر بالكبائر.
الأمر الثاني: أن البدع تجر إلى الردة الصريحة، كما وجد من كثير من أهل البدع؛ فمثال البدعة التي شدودا فيها، مثل تشديد النبي صلى الله عليه وسلم فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح، خوفا مما وقع من الشرك الصريح، الذي يصير به المسلم مرتدا، فمن فهم هذا، فهم الفرق بين البدع، وبين ما نحن فيه من الكلام في الردة، ومجاهدة أهلها، أو النفاق الأكبر ومجاهدة أهله.

الصفحة 432