كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 9)

عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " طوبى للغرباء، ثلاثا. قالوا: يا رسول الله، وما الغرباء؟ قال: ناس صالحون قليل، في أناس كثير؛ من يبغضهم أكثر ممن يحبهم "1. أخبرنا محمد بن سعيد بإسناده، عن المعافري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " طوبى للغرباء، الذين يتمسكون بكتاب الله حين ينكر، ويعملون بالسنة حين تطفأ ".
أخبرنا أسد، بإسناده عن سالم بن عبد الله، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بدأ الإسلام غريبا، ولا تقوم الساعة حتى يكون غريبا؛ فطوبى للغرباء حين يفسد الناس، ثم طوبى للغرباء حين يفسد الناس "2. أخبرنا أسد بإسناده، عن عبد الله: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوباء للغرباء. قيل: ومَن الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس "3. هذا آخر ما نقلته من كتاب "البدع والنهي عنها" للإمام الحافظ محمد بن وضاح رحمه الله.
فتأمل رحمك الله أحاديث الغربة، وبعضها في الصحيح، مع كثرتها وشهرتها; وتأمل إجماع العلماء كلهم، أن هذا قد وقع في زمن طويل، حتى قال ابن القيم: الإسلام في زماننا أغرب منه في ظهوره؛ فتأمل هذا تأملا جيدا، لعلك أن تسلم من الهوة الكبيرة، التي هلك فيها أكثر الناس، وهي الاقتداء بالكثرة والسواد الأكبر، والنفرة من
__________
1 أحمد (2/177) .
2 مسلم: الإيمان (145) , وابن ماجه: الفتن (3986) , وأحمد (2/389) .
3 مسلم: الإيمان (146) .

الصفحة 440