كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 9)

54] .
وهؤلاء هم الشاكرون لنعمة الإيمان، الصابرون على الامتحان، كما قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [سورة آل عمران آية: 144] إلى قوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
فإذا أنعم الله على إنسان بالصبر والشكر، كان جميع ما يقضي له من القضاء خيرا له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يقضى للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له "1. والصابر الشكور، هو المؤمن الذي ذكر الله في غير موضع من كتابه، ومن لم ينعم الله عليه بالصبر والشكر، فهو بشر حال، وكل واحد من السراء والضراء في حقه، يفضي به إلى قبيح المآل.
فكيف إذا كان ذلك في الأمور العظيمة، التي هي من محن الأنبياء والصديقين، وبها تثبت أصول الدين، وحفظ الإيمان، والقرآن، من كيد أهل النفاق، والإلحاد والبهتان؛ فالحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله.
والله المسؤول أن يثبتكم وسائر المؤمنين، بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويتم عليكم نعمه
__________
1 مسلم: الزهد والرقائق (2999) , وأحمد (6/15) .

الصفحة 444