كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 9)

المستقرض أن يرد بعيراً مثله في السن واللون والسمن والكبر، فهو أقرب إلى المماثلة من القيمة؛ لأن القيمة مخالفة له في النوع ومقاربة له في التقدير، لكن المماثل من الحيوان أقرب بلا شك، ولهذا كان القول الصحيح أن المثلي ما كان له مثل أو مقارب، وعلى هذا فالحيوان مثلي، ولهذا استسلف النبي صلّى الله عليه وسلّم بَكْراً ورد خياراً رباعيّاً (¬1)، فجعله مثليًّا، ولما جاء غلام إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو عند إحدى نسائه بطعام، ضربت المرأة ـ التي كان النبي صلّى الله عليه وسلّم في بيتها ـ يد الغلام حتى سقط الطعام وانكسرت الصحفة، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إناء بإناء وطعام بطعام» (¬2)، وأخذ طعام التي كان عندها وصحفتها وردهما مع الغلام، فهنا ضمن الإناء بالمثل مع أن فيه صناعة، فجعله النبي صلّى الله عليه وسلّم مثليّاً، ولا شك أن هذا القول هو الأقرب، وعلى هذا فإذا استقرض بعيراً ثبت في ذمته بعير مثله، وإذا استقرض إناء ثبت في ذمته إناء مثله، وهذا أقرب من القيمة.
إذاً خالفنا المؤلف في هذه المسألة في معنى المثل، لكننا نتفق معه في أنه يرد المثل في المثليات والقيمة في غيرها.

فَإِنْ أعْوَزَ المِثْلُ فَالقِيْمَةُ إذاً.
قوله: «فإن أعوز المثل فالقيمةُ إذاً» ويصح «فالقيمةَ» بالنصب، والتقدير فيرد القيمةَ، فقوله: «فإن أعوز المثل»، أي:
¬__________
(¬1) سبق تخريجه ص (94).
(¬2) أخرجه أبو داود في البيوع/ باب فيمن أفسد شيئاً يغرم مثله (3568)، والنسائي في عشرة النساء/ باب الغيرة (7/ 71)، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ، وحسن إسناده الحافظ في الفتح (5/ 125).

الصفحة 106