وكلامه صريح واضح؟ فكيف يجوز لنا أن نحرفه إلى معنى آخر خلاف ظاهر اللفظ؟ ثم إن العلة في كون الثمر للبائع بعد التأبير واضحة، ولا تنطبق على ما إذا تشقق بدون تأبير، وحينئذ لا يصح القياس ولا تحريف الحديث إلى معنى آخر.
وقوله: «إلا أن يشترطه مشتر» فإن اشترطه المشتري يكون له، والدليل على ذلك:
أولاً: عموم قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، والأمر بالوفاء بالعقد أمر به وبأوصافه وشروطه التي تشترط فيه.
ثانياً: قول الله تبارك وتعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} [الإسراء: 34]، والشرط الذي التزمه الإنسان هو عهد على نفسه.
ثالثاً: ما جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحلَّ حراماً أو حرَّم حلالاً» (¬1)، وهذا لا يحرم حلالاً ولا يحلّل حراماً.
¬__________
(¬1) علقه البخاري بصيغة الجزم في الإجارة/ باب أجر السمسرة، ووصله أبو داود في القضاء/ باب المسلمون على شروطهم (3594)، والحاكم (2/ 92) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
وأخرجه الترمذي في الأحكام/ باب ما ذكر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الصلح بين الناس (1352) عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده، وقال: حسن صحيح.
وأخرجه الدارقطني (3/ 27 ـ 28)، والحاكم (2/ 49 ـ 50) عن عائشة وأنس ـ رضي الله عنهما ـ بلفظ: «المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق» وصححه النووي في المجموع (9/ 464) والألباني في الإرواء (1303).