كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 9)

قوله: «ولا يصح بيع المسلَم فيه قبل قبضه» سواء بيع على المسلم إليه أو على رجل أجنبي؛ لأنه بيع دين في ذمة الغير، والمشتري قد يتمكن من القبض وقد لا يتمكن، ولحديث: «من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره» (¬1)، لكن هذا الحديث ضعيف لا يحتج به.
فإن قال قائل: إذاً هل يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه؟
فالجواب: نعم يجوز بيعه على المسلم إليه، وعند شيخ الإسلام يجوز بيعه حتى على أجنبي، لكن فيه نظر؛ لأنه حقيقة إذا بعته على غير من هو عليه قد يتعذر عليه أخذه، ثم إذا بعته على غير من هو عليه بما يباع نسيئة معناه ما قبضه، فالتوسع غير ظاهر لي جداً، وشيخ الإسلام يجوز بيع الدين على غير من هو عليه، ولكنه يشترط القدرة على أخذه، لكن إن باعه على المسلم إليه فإنه يشترط ثلاثة شروط:
الأول: ألا يربح، بأن يبيعه بسعر يومه؛ لأنه لو باعه بأكثر من سعر يومه لربح فيما لم يضمن، وقد نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ربح ما لم يضمن (¬2)، فمثلاً أسلم في مائة صاع بُر حلَّت وقيمتها عند الوفاء مائتا درهم فقط، فقال: أبيعها عليك بمائتين وخمسين درهماً، لا
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود في البيوع/ باب السلف يحول (3468)، وابن ماجه في التجارات/ باب من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره (2283). قال الحافظ: «فيه عطية بن سعد العوفي وهو ضعيف، وأعله أبو حاتم، والبيهقي، وعبد الحق، وابن القطان». «التلخيص» (1203)، وانظر: «بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (884)، و «نصب الراية» (4/ 51).
(¬2) أخرجه الإمام أحمد (2/ 174)، وأبو داود في البيوع/ باب الرجل يبيع ما ليس عنده (3504) والترمذي في البيوع/ باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك (1234)، والنسائي في البيوع/ باب سلف وبيع (7/ 295)، وابن حبان (4321) والحاكم (2/ 17) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي.

الصفحة 87