كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ قَضَى اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اخْتَارَ شَهْرًا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَقُولُ لَهُ: " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {§لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] فَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَلْفَ شَهْرٍ عَلَى قِيَاسِهِ "
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْخُوَارِزْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَلْخٍ الشَّافِعِيَّ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ لِلرَّجُلِ: «فَمَا تَقُولُ أَنْتَ فِيهِ». قَالَ: أَقُولُ: إِنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ. قَالَ: «وَمِنْ أَيْنَ؟ قُلْتَ» قَالَ: مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 277] فَصَارَتِ الْوَاوُ فَصْلًا بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ، فَالْإِيمَانُ قَوْلٌ، وَالْأَعْمَالُ شَرَائِعُهُ. فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَعِنْدَكَ الْوَاوُ فَصْلٌ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: " فَإِذًا كُنْتَ تَعْبُدُ إِلَهَيْنِ إِلَهًا فِي الْمَشْرِقِ وَإِلَهًا فِي الْمَغْرِبِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] " فَغَضِبَ الرَّجُلُ وَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَجَعَلْتَنِي وَثَنِيًّا؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «بَلْ أَنْتَ جَعَلْتَ نَفْسَكَ كَذَلِكَ»، قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: «بِزَعْمِكَ أَنَّ الْوَاوَ فَصْلٌ». فَقَالَ الرَّجُلُ: فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِمَّا قُلْتُ، بَلْ لَا أَعْبُدُ إِلَّا رَبًّا وَاحِدًا، وَلَا أَقُولُ بَعْدَ الْيَوْمِ إِنَّ الْوَاوَ فَصْلٌ، بَلْ أَقُولُ: إِنَّ §الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ قَالَ الرَّبِيعُ: فَأَنْفَقَ عَلَى بَابِ الشَّافِعِيِّ مَالًا عَظِيمًا، وَجَمَعَ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ، وَخَرَجَ مِنْ مِصْرَ سُنِّيًّا
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بْنُ رَوْحٍ ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَاسِينَ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: جَاءَتْ أُمُّ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ إِلَى الشَّافِعِيِّ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي هَذَا يُحِبُّكَ، وَإِنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ أَجَلَّكَ، فَلَوْ نَهَيْتَهُ عَنْ هَذَا الرَّأْيِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، فَقَدْ عَادَاهُ النَّاسُ عَلَيْهِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «أَفْعَلُ»، فَشَهِدَتُ -[111]- الشَّافِعِيَّ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ بِشْرٌ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «أَخْبِرْنِي عَنْ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ؛ §أَفِيهِ كِتَابٌ نَاطِقٌ وَفَرْضٌ مُفْتَرَضٌ وَسُنَّةٌ قَائِمَةٌ وَوَجَبَ عَلَى النَّاسِ الْبَحْثِ فِيهِ، وَالسُّؤَالُ؟» فَقَالَ بِشْرٌ: لَيْسَ فِيهِ كِتَابٌ نَاطِقٌ، وَلَا فَرَضٌ مُفْتَرَضٌ، وَلَا سُنَّةٌ قَائِمَةٌ، وَلَا وَجَبَ عَلَى السَّلَفِ الْبَحْثُ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَسَعُنَا خِلَافَهُ. فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ: «قَدْ أَقْرَرْتَ عَلَى نَفْسِكَ الْخَطَأَ، فَأَيْنَ أَنْتَ عَنِ الْكَلَامِ فِي الْأَخْبَارِ وَالْفِقْهِ، وَتُوَافِيكَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَتترُكُ هَذَا». فَقَالَ: لَنَا فِيهِ تُهْمَةٌ. فَلَمَّا خَرَجَ بِشْرٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: «لَا يُفْلِحُ»

الصفحة 110