كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

«§وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَدِيثِ. كَانَ يَأْخُذُ بِعَامَّةِ قَوْلِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالبُوَيْطِيُّ وَالْحُمَيْدِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَعَامَّةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ»
وَقَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إِذَا جَاءَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ قَالَ: «§أَمَّا أَنَا فَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ دِينِي، وَأَمَّا أَنْتَ فَشَاكٌّ. اذْهَبْ إِلَى شَاكٍّ مِثْلِكَ فَخَاصِمْهُ»
وَكَانَ يَقُولُ: «§لَسْتُ أَرَى لِأَحَدٍ سَبَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفَيْءِ سَهْمًا»
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، ثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «§لِأَنْ يَلْقَى اللَّهَ الْعَبْدُ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلَا الشِّرْكَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ». وَذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَتَجَادَلُونَ فِي الْقَدَرِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمَشِيئَةُ دُونَ خَلْقِهِ وَالمشيئةُ إِرَادَةُ اللَّهِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فَأَعْلَمَ خَلْقَهُ أَنَّ الْمَشِيئَةَ لَهُ ". وَكَانَ يُثْبِتُ الْقَدَرَ. وَقَالَ فِي كِتَابِهِ: «مِنْ حَلَفَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِغَيْرِ مَخْلُوقٍ»
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ، ثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا شُعَيْبٍ الْمِصْرِيُّ، يَقُولُ - وَأَثْنَى عَلَيْهِ الرَّبِيعُ خَيْرًا - قَالَ: حَضَرَتُ الشَّافِعِيَّ، وَعَنْ يَمِينِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَنْ يَسَارِهِ يُوسُفُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ وَحَفْصٌ الْفَرْدُ حَاضِرٌ، فَقَالَ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: «مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ؟» قَالَ: أَقُولُ كَلَامُ اللَّهِ. قَالَ: «لَيْسَ إِلَّا؟» ثُمَّ سَأَلَ يُوسُفَ بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ. فَجَعَلَ النَّاسُ يُومِئُونَ إِلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ الشَّافِعِيَّ فَقَالَ حَفْصٌ الْفَرْدُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ النَّاسُ يُحِيلُونَ عَلَيْكَ. قَالَ: فَقَالَ: دَعِ الْكَلَامَ فِي هَذَا. قَالُوا: فَقَالَ لِلشَّافِعِيِّ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: «§أَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ». فَنَاظَرَهُ وَتَحَارَبَا فِي الْكَلَامِ حَتَّى كَفَّرَهُ الشَّافِعِيُّ، فَقَامَ حَفْصٌ مُغْضَبًا فَلَقِيتُهُ مِنَ الْغَدِ فِي سُوقِ الدَّجَاجِ بِمِصْرَ فَقَالَ لِي: رَأَيْتَ مَا فَعَلَ بِيَ الشَّافِعِيُّ أَمْسِ؟ كَفَّرَنِي، قَالَ: ثُمَّ مَضَى، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ مَعَ هَذَا مَا أَعْلَمُ إِنْسَانًا أَعْلَمَ مِنْهُ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، ثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا شُعَيْبٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ،. . . .

الصفحة 112