كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «§مَا اشْتَدَّ عَلَيَّ فَوْتُ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِثْلَ فَوْتِ ابْنِ أَبِي ذِيبٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ، قَرِيبُ الشَّافِعِيِّ - فِيمَا كَتَبَ إِلَى - قَالَ: عَاتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ ابْنَهُ عُثْمَانَ، فَقَالَ فِيمَا قَالَ لَهُ: وَوَعَظَهُ بِهِ: «يَا بُنَيَّ، وَاللَّهِ §لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ الْمَاءَ الْبَارِدَ يَثْلَمُ مِنْ دِينِي شَيْئًا مَا شَرِبْتُهُ إِلَّا حَارًّا»
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، قَرِيبُ الشَّافِعِيِّ - فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ - قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي، قَالَتْ: §كَانَتْ لَهُ هَنَةٌ فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى فَمِ الصَّبِيِّ وَخَرَجَتْ مُبَادِرَةً، وَكَانَ الْبَابُ بَعِيدًا، فَلَمْ تَبْلُغِ الْبَابَ حَتَّى اضْطَرَبَ الصَّبِيُّ. قَالَتْ: فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الشَّافِعِيُّ قَالَتْ لَهُ أُمُّ عُثْمَانَ وَيْحَكَ يَا ابْنَ إِدْرِيسَ - وَهُوَ يَمْدَحُ نَفْسَهُ - كِدْتَ تَقْتُلُ الْيَوْمَ نَفْسًا فَاحْمَارَّ، وَانْتَفَخَ وَجَعَلَ يَقُولُ لَهَا: «وَكَيْفَ ذَاكَ؟» فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَقِيلُ مُدَّةً طَوِيلَةً إِلَّا وَالرَّحَا عِنْدَ رَأْسِهِ تَطْحَنُ. فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقِيلَ جِئْنَا بِالرَّحَا حَتَّى تَطْحَنُ عِنْدَ رَأْسِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَسْتِيُّ، - فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ - قَالَ: قَالَ الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ: أَرَادَ الشَّافِعِيُّ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ فَاحْتَرَقَ دُكَّانُ الْقَصَّارِ وَالثِّيَابُ فَجَاءَ الْقَصَّارُ وَمَعَهُ قَوْمٌ يَتَحَمَّلُ بِهِمْ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي تَأْخِيرِهِ؛ لِيَدْفَعَ إِلَيْهِ قِيمَةَ الثِّيَابِ، فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ: «§قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَضْمِينِ الْقَصَّارِ، وَلَمْ أَتَبَيَّنْ أَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ، فَلَسْتُ أُضَمِّنُكَ شَيْئًا»
وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ: دَخَلْتُ مَعَ الشَّافِعِيِّ عَلَى خَادِمِ الرَّشِيدِ وَهُوَ فِي بَيْتٍ قَدْ فُرِشَ بِالدِّيبَاجِ. فَلَمَّا وَضَعَ الشَّافِعِيُّ رِجْلَهُ عَلَى الْعَتَبَةِ أَبْصَرَ الدِّيبَاجَ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَدْخُلْ فَقَالَ لَهُ الْخَادِمُ: ادْخُلْ. فَقَالَ: «لَا يَحِلُّ افْتِرَاشُ هَذَا». فَقَامَ الْخَادِمُ مُتَمَشِّيًا حَتَّى دَخَلَ بَيْتًا قَدْ فُرِشَ بِالْأَرْمِينِيِّ، ثُمَّ دَخَلَ الشَّافِعِيُّ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَقَالَ «§-[127]- هَذَا حَلَالٌ، وَذَاكَ حَرَامٌ، وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ ذَاكَ، وَأَكْثَرُ ثَمَنًا مِنْهُ». فَتَبَسَّمَ الْخَادِمُ، وَسَكَتَ

الصفحة 126