كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

قَالَ: وَسَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، عَنِ الرَّجُلِ سَاءَ عَلَيْهِ أَهْلُهُ، هَلْ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَيَّامًا فِي جَمَاعَةٍ؟ قَالَ: «§لَا، وَلَا صَلَاةً وَاحِدَةً، أَشْكَرُ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْصِيَهُ»
قَالَ: وَحَضَرَتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ صَبِيحَةَ أُبْنِيَ عَلَى ابْنَتِهِ فَخَرَجَ فَأَذَّنَ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بِابِهِمَا، فَقَالَ: لِلْجَارِيَةِ: «§قُولِي لَهُمَا يَخْرُجَانِ إِلَى الصَّلَاةِ». فَخَرَجَ النِّسَاءُ وَالْجَوَارِي فَقُلْنَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَيُّ شَيْءٍ هَذَا؟ قَالَ: «لَا أَبْرَحُ حَتَّى يَخْرُجَا». فَخَرَجَا بَعْدَ مَا صَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ
وَذُكِرَ عِنْدَهُ الْمُحَدِّثُونَ فَقَالَ: «§لِهَذَا الْأَمْرِ قَوْمٌ. الْعِلْمُ كَثِيرٌ، وَالْعُلَمَاءُ قَلِيلٌ»
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «§مَا خَصْلَةٌ تَكُونُ فِي الْمُؤْمِنِ بَعْدَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ أَشَدُّ مِنَ الْكَذِبِ، وَهُوَ أَشَدُّ النِّفَاقِ»
وَسَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، عَنِ الرَّجُلِ يشَارِكُ مَنْ لَا يَثِقُ بِدِينِهِ، فَقَالَ: «§لَا تَفْعَلْ، وَلَا تُخَالِطْهُ أَيْضًا فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُطْعِمُكَ الْخَبِيثَ أَوِ الْحَرَامَ»
وَسَأَلْتُهُ، عَنِ الْأَرْضِ الغَصْبِ، أَوِ الْقَرْيَةِ الْمَغْصُوبَةِ، تَكُونُ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ، أَشْتَرِي مِنْهُ الطَّعَامَ؟ قَالَ: «لَا» قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ فِي سَفَرٍ يَرَى أَنْ يَنْزِلَ هَذِهِ الْقَرْيَةَ قَالَ: «§مَا أُحِبُّ نُزُولَهَا، وَلَا الصَّلَاةَ فِيهَا»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَمْرٍو، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، وَسُئِلَ، عَنِ الرَّجُلِ، يَتَمَنَّى الْمَوْتَ قَالَ: «مَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا إِذْ يَتَمَنَّى الْمَوْتَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ عَلَى دِينِهِ وَلَكِنْ لَا يَتَمَنَّى الْمَوْتَ مِنْ ضَرْبَةٍ أَو فَاقَةٍ أَوْ شَيْءٍ مِثْلِ هَذَا». ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: «§تَمَنَّى الْمَوْتَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَنْ دُونَهُمَا»
وَسَمِعْتُهُ، وَنَحْنُ مُقْبِلُونَ مِنْ جَنَازَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فَقَالَ: «§إِنِّي لَأَشَمُّ رِيحَ فِتْنَةٍ، إِنِّي لَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَسْبِقَنِي بِهَا»
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «§كَانَ لِي أَخَوَانِ فَمَاتَا، وَدَفَعَ عَنْهُمَا شَرَّ مَا نَرَى وَبَقِينَا بَعْدَهُمَا، وَمَا بَقِيَ لِي أَخٌ إِلَّا هَذَا الرَّجُلُ، يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمَا يُغْبَطُ الْيَوْمَ إِلَّا مُؤْمِنٌ فِي قَبْرِهِ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنَا مُحَمَّدٌ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» فَقُلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ الْأَمْرُ؟ فَقَالَ: «§خُذْ مَا لَا يَرِيبُكُ حَتَّى لَا يُصِيبُكَ مَا يَرِيبُكَ، يَعْنِي الْحِلَّ»

الصفحة 13