كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْأُمَوِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ قَالَ: أَمَرَ الرَّشِيدُ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ بِأَلْفِ دِينَارٍ، فَقَبِلَهَا، فَأَمَرَ الرَّشِيدُ خَادِمَهُ سِرَاجًا بِاتِّبَاعِهِ، فَمَا زَالَ يُفَرِّقُهَا قَبْضَةً قَبْضَةً حَتَّى انْتَهَى إِلَى خَارِجِ الدَّارِ، وَمَا مَعَهُ إِلَّا قَبْضَةٌ وَاحِدَةٌ، فَدَفَعَهَا إِلَى غُلَامِهِ، وَقَالَ: انْتَفِعْ بِهَا. فَأَخْبَرَ سِرَاجٌ الرَّشِيدَ، بِذَاكَ، فَقَالَ: «§لِهَذَا فَرَغَ هَمُّهُ، وَقَوِيَ مَتْنُهُ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا أَبُو الصَّقْرِ زَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ لَمَّا أُدْخِلَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ الرَّشِيدِ، وَنَاظَرَ بِشْرًا الْمَرِيسِيَّ فَقَطَعَهُ خَلَعَ هَارُونُ الرَّشِيدُ عَلَى الشَّافِعِيِّ، وَأَمَرَ لَهُ بِخَمْسِينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، §فَانْصَرَفَ إِلَى الْبَيْتِ، وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ، قَدْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَوَصَلَ بِهِ النَّاسَ»
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ نَصْرُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ الطُّوسِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ الْقِصْرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي بَعْضُ، شُيوخِنَا قَالَ: لَمَّا أَشْخَصَ الشَّافِعِيُّ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى دَخَلَهَا وَعَلَيْهِ أَطْمَارٌ رَثَّةٌ، وَطَالَ شَعْرُهُ، فَتَقَدَّمَ إِلَى مُزَيِّنٍ فَاسْتَقْذَرَهُ لَمَّا نَظَرَ إِلَى رَثَاثَتِهِ، فَقَالَ لَهُ: تَمْضِي إِلَى غَيْرِي، فَاشْتَدَّ عَلَى الشَّافِعِيِّ أَمْرُهُ، فَالْتَفَتَ إِلَى غُلَامٍ كَانَ مَعَهُ فَقَالَ: أَيْشٍ مَعَكَ مِنَ النَّفَقَةِ، قَالَ: عَشَرَةُ دَنَانِيرَ قَالَ: ادْفَعْهَا إِلَى الْمُزَيِّنِ. فَدَفَعَهَا الْغُلَامُ إِلَيْهِ. فَوَلَّى الشَّافِعِيُّ وَهُوَ يَقُولُ: «§عَلِيَّ ثِيَابٌ لَوْ يُبَاعُ جَمِيعُهَا بِفِلْسٍ لَكَانَ الْفِلْسُ مِنْهُنَّ أَكْثَرَا وَفِيهِنَّ نَفْسٌ لَوْ يُقَاسُ بِمِثْلِهَا جَمِيعُ الْوَرَى كَانَتْ أَجَلَّ وَأَخْطَرَا فَمَا ضَرَّ نَصْلَ السَّيْفِ إِخْلَاقُ غِمْدِهِ إِذَا كَانَ عَضْبًا حَيْثُ أَنْفَذْتَهُ بَرًّا فَإِنْ تَكُنِ الْأَيَّامُ أَزْرَتْ بِبَزَّتِي فَكَمْ مِنْ حُسَامٍ فِي غِلَافٍ تَكَسَّرَا»
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ، ثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَوْحٍ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: " خَرَجَ هَرْثَمَةُ، فَأَقْرَأَنِي سَلَّامَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ وَقَالَ: قَدْ أَمَرَ لَكَ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِينَارٍ، قَالَ: فَحَمَلَ إِلَيْهٍ الْمَالَ فَدَعَا بِحَجَّامٍ §فَأَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ فَأَعْطَاهُ خَمْسِينَ دِينَارًا ثُمَّ أَخَذَ رِقَاعًا وَصَرَّ -[132]- مِنْ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ صُرَرًا، فَفَرَّقَهَا فِي الْقُرَشِيِّينَ الَّذِينَ هُمْ بِالْحَضْرَةِ، وَمَنْ هُمْ بِمَكَّةَ حَتَّى مَا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ إِلَّا بِأَقَلَّ مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ "

الصفحة 131