كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّبَئِي، ثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، قَالَ: قِيلَ لِسُفْيَانَ - وَذَكَرَ حَدِيثًا - إِنَّ مَالِكًا يُخَالِفُكَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ سُفْيَانُ: " §رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا مَا أَنَا مِنْ مَالِكٍ إِلَّا كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر البسيط]
وَابْنُ اللَّبُونِ إِذَا مَا لُزَّ فِي قَرَنٍ ... لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ الْبُزْلِ الْقَنَاعِيسِ "
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا أَبُو زُرَارَةَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ بِرُقْعَةِ فَقَرَأَهَا، وَوَقَّعَ فِيهَا، وَمَضَى الرَّجُلُ فَتَبِعْتُهُ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا تَفُوتُنِي فُتْيَا الشَّافِعِيِّ فَأَخَذْتُ الرُّقْعَةَ مِنْ يَدَهِ، فَوَجَدْتُ فِيهَا:
[البحر الطويل]
سَلِ الْعَالِمَ الْمَكِّيَّ هَلْ مِنْ تَزَاوُرٍ ... وَضَمَّةِ مُشْتَاقِ الْفُؤَادِ جُنَاحُ
فَإِذَا قَدْ وَقَّعَ الشَّافِعِيُّ: «
[البحر الطويل]
فَقُلْتُ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُذْهِبَ التُّقَى ... تَلَاصُقُ أَكْبَادٍ بِهِنَّ جِرَاحُ»
قَالَ الرَّبِيعُ: فَأَنْكَرْتُ عَلَى الشَّافِعِيِّ أَنْ يُفْتِيَ لِحَدَثٍ بِمِثْلِ هَذَا فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، تُفْتِي بِمِثْلِ هَذَا شَابًّا؟ فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ هَذَا رَجُلٌ هَاشِمِيٌّ قَدْ عَرَّسَ فِي هَذَا الشَّهْرِ - يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ - وَهُوَ حَدَثُ السِّنِّ، فَسَأَلَ §هَلْ عَلَيْهِ جُنَاحٌ أَنْ يُقَبِّلَ أَوْ يَضُمَّ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ فَأَفْتَيْتُهُ بِهَذِهِ الْفُتْيَا» قَالَ الرَّبِيعُ: فَتَبِعْتُ الشَّابَّ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ، فَذَكَرَ لِي أَنَّهُ مِثْلَ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، فَمَا رَأَيْتُ فِرَاسَةً أَحْسَنَ مِنْهَا
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ مِهْرَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ الشَّافِعِيِّ، فَجَاءَهُ غُلَامٌ كَأَنَّهُ غُصْنُ بَانٍ فَنَاوَلَهُ رُقْعَةً فَضَحِكَ الشَّافِعِيُّ لَمَّا أَجَابَهُ عَنْهَا، وَضَحِكَ الْغُلَامُ كَذَلِكَ لَمَّا تَنَاوَلَ الرُّقْعَةَ فَتَعَجَّبْتُ مِنْهُ فَتَبِعْتُهُ - يَعْنِي الْغُلَامَ - فَأَقْسَمْتُ عَلَيْهِ أَنْ يُرِينِيهَا، فَأَرَانِيهَا فَإِذَا سَطْرَانِ مَكْتُوبَانِ فِي السَّطْرِ الْأَوَّلِ:
[البحر الطويل]
سَلِ الْفَتَى الْمَكِّيَّ هَلْ مِنْ تَزَاوُرٍ ... وَقُبْلَةِ مُشْتَاقِ الْفُؤَادِ جُنَاحُ
-[151]-
فَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ فِي السَّطْرِ الثَّانِي: «
[البحر الطويل]
§أَقُولُ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يُذْهِبَ التُّقَى ... تَلَاصُقُ أَكْبَادٍ بِهِنَّ جِرَاحُ»
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ البَيْضَاوِيَّ الْمُقْرِئَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْمَأْمُونِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَيَّانَ النَّيْسَابُورِيُّ، يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ عَبَّاسًا الْأَزْرَقَ دَخَلَ عَلَى الشَّافِعِيِّ يَوْمًا فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَدْ قُلْتُ أَبْيَاتًا إِنْ أَنْتَ أَجَزْتَنِي بِمِثْلِهَا لَأَتُوبَنَّ أَنْ لَا أَقُولَ شِعْرًا أَبَدًا. فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ. . . .

الصفحة 150