كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ التُّسْتَرِيُّ، يَقُولُ: كَانَ غُلَامٌ مِنَ الصَّيْرَفَةِ يَخْتَلِفُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فنَاوَلَهُ يَوْمًا دِرْهَمَيْنِ فَقَالَ: «§اشْتَرِ بِهِمَا كَاغَدًا». فَخَرَجَ الْغُلَامُ وَاشْتَرَى لَهُ، وَجَعَلَ فِي جَوْفِ الْكَاغَدِ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ، وَشَدَّهُ وَأَوْصَلَهُ إِلَى بَيْتِ أَحْمَدَ، فَسَأَلَ، وَقَالَ: «حُمِلَ إِلَيْنَا مِنَ الْبَيَاضِ؟» فَقَالُوا: بَلَى، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا أَنْ فَتَحَهُ تَنَاثَرَتِ الدَّنَانِيرُ، فَرَدَّهَا فِي مَكَانَهَا، وَسَأَلَ عَنِ الْغُلَامِ حَتَّى دُلَّ عَلَيْهِ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَتَبِعَهُ الْفَتَى، وَهُوَ يَقُولُ: الْكَاغَدُ اشْتَرَيْتَهُ بِدَرَاهِمِكَ، خُذْهُ. فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ الْكَاغَدَ أَيْضًا
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُرَيْجٍ الْعُكْبَرِيُّ، قَالَ: «طَلَبْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ لِأَسْأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ»، فَقَالُوا: خَرَجَ يُصَلَّى خَارِجًا، «فَجَلَسْتُ لَهُ عَلَى بَابِ الدَّرْبِ حَتَّى جَاءَ، فَقُمْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلِيَّ السَّلَامَ، وَكَانَ شَيْخًا مَخْضُوبًا طُوَالًا أَسْمَرَ شَدِيدَ السَّمُرَةِ فَدَخَلَ الزُّقَاقَ، وَأَنَا مَعَهُ أُمَاشِيهِ خُطْوَةً بِخُطْوَةٍ فَلَمَّا بَلَغْنَا آخِرَ الدَّرْبِ إِذَا بَابٌ يُفْرَجُ فَدَخَلَهُ وَصَارَ يَنْظُرُ خَلْفَهُ» وَقَالَ: اذْهَبْ عَافَاكَ اللَّهُ فَتَثَبَّتُّ عَلَيْهِ فَقَالَ: اذْهَبْ عَافَاكَ اللَّهُ. قَالَ «فَالْتَفَتُّ فَإِذَا مَسْجِدٌ عَلَى الْبَابِ، وَشَيْخٌ مَخْضُوبٌ قَائِمٌ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَجَلَسْتُ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَخَرَجَ رَجُلٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَعَنْ تَخَلُّفِهِ عَنْ صَلَاتِهِ»، فَقَالَ: ادُّعِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَنَّ عِنْدَهُ عَلَوِيًّا فَجَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، فَأَحَاطَ بِالْمَحِلَّةِ، فَفُتِّشَتْ فَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَأَحْجَمَ مِنْ كَلَامِ الْعَامَّةِ. فَقُلْتُ: «مَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟» قَالَ: عَمُّهُ إِسْحَاقُ. قُلْتُ: «فَمَا لَهُ لَا يُصَلِّي خَلْفَهُ». فَقَالَ §لَيْسَ يُكَلِّمُ ذَا وَلَا ابْنَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوا جَائِزَةَ السُّلْطَانِ
حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبَانَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَبْرِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَتَّةَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قُلْتُ: هُوَ إِمَامٌ؟ قَالَ: «إِي وَاللَّهِ، وَكَمَا يَكُونُ الْإِمَامُ، إِنَّ §أَحْمَدَ أَخَذَ بِقُلُوبِ النَّاسِ، إِنَّ أَحْمَدَ صَبَرَ عَلَى الْفَقْرِ سَبْعِينَ سَنَةً»

الصفحة 176