كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يُوسُفَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ، ثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى أَبِي فِي أَيَّامِ الْوَاثِقِ - وَاللَّهُ يَعْلَمُ فِي أَيِّ حَالَةٍ نَحْنُ - وَقَدْ خَرَجَ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ، وَقَدْ كَانَ لَهُ لِبَدٌ يَجْلِسُ عَلَيْهَا، قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ سِنُونَ كَثِيرَةٌ حَتَّى قَدْ بَلِيَ، فَإِذَا تَحْتَهُ كِتَابٌ كَاغَدٌ، وَإِذَا فِيهِ: بَلَغَنِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنَ الضِّيقِ، وَمَا عَلَيْكَ مِنَ الدَّيْنِ، وَقَدْ وَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ لِتَقْضِيَ بِهَا دَيْنَكَ وَتُوَسِّعَ بِهَا عَلَى عِيَالِكَ، وَمَا هِيَ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا زَكَاةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَرِثْتُهُ مِنْ أَبِي. فَقَرَأْتُ الْكِتَابَ، وَوَضَعْتُهُ فَلَمَّا دَخَلَ قُلْتُ: يَا أَبَتِ مَا هَذَا الْكِتَابُ. فَاحْمَرَّ وَجْهُهُ " وَقَالَ: رَفَعَتُهُ مِنْكَ، ثُمَّ قَالَ: تَذْهَبُ بِجَوَابِهِ، فَكَتَبَ إِلَى الرَّجُلِ: وَصَلَ كِتَابُكَ إِلَيَّ، وَنَحْنُ فِي عَافِيَةٍ، فَأَمَّا الدَّيْنُ فَإِنَّهُ لِرَجُلٍ لَا يُرْهِقُنَا، وَأَمَّا عِيَالُنَا فَهُمْ فِي نِعْمَةٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. «فَذَهَبْتُ بِالْكِتَابِ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ أَوْصَلَ كِتَابَ الرَّجُلِ» فَقَالَ: وَيْحَكَ لَوْ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَبِلَ هَذَا الشَّيْءَ وَرَمَى بِهِ مِثْلًا فِي الدِّجْلَةِ كَانَ مَأْجُورًا؛ لِأَنَّ هَذَا رَجُلٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَعْرُوفٌ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ حِينٍ، وَرَدَّ كِتَابُ الرَّجُلِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الْجَوَّابَ بِمِثْلِ مَا رَدَّ، فَلَمَّا مَضَتْ سَنَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ ذَكَرْنَاهَا، فَقَالَ: §لَوْ كُنَّا قَبِلْنَاهَا كَانَتْ قَدْ ذَهَبَتْ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: شَهِدْتُ ابْنَ الْجَرَوِيِّ - أَخَا الْحَسَنِ - وَقَدْ جَاءَهُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَقَالَ: «أَنَا رَجُلٌ مَشْهُورٌ وَقَدْ أَتَيْتُكَ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَعِنْدِي §شَيْءٌ قَدْ أَعْدَدْتُهُ لَكَ، فَأُحِبُّ أَنْ تَقْبَلَهُ، وَهُوَ مِيرَاثٌ». فَلَمْ يَقْبَلْ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ. فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ قَامَ وَدَخَلَ. قَالَ صَالِحٌ: فَأَخْبَرْتُ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ لِي أَخِي: " لَمَّا رَأَيْتُهُ كُلَّمَا أَلْحَحْتُ عَلَيْهِ ازْدَادَ بُعْدًا قُلْتُ: أُخْبِرُهُ كَمْ هِيَ، قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هِيَ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِينَارٍ فَقَامَ وَتَرَكَنِي "
قَالَ 8062 صَالِحٌ: وَقَالَ لِي يَوْمًا: «§أَنَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدِي قِطْعَةٌ أَفْرَحُ»
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَحْمَدَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: قَالَ بُورَانُ أَبُو مُحَمَّدٍ لِأَبِي: «عِنْدِي حَقٌّ أَبْعَثُ بِهِ -[179]- إِلَيْكَ». فَسَكَتَ، فَلَمَّا عَادَ إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، §لَا تَبْعَثْ بِالْحَقِّ، فَقَدْ شَغَلَ قَلْبِي عَلَيَّ

الصفحة 178