كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: " كَانَ رَجُلٌ يَخْتَلِفُ مَعَ خَلْفٍ الْمُخَرِّمِيِّ إِلَى عَفَّانَ، يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ بْنُ الْحَكِيمِ الْعَطَّارِ، فَخَتَنَ بَعْضَ وَلَدِهِ، فَدَعَا يَحْيَى وَأَبَا خَيْثَمَةَ، وَجَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَطَلَبَ أَبِي أَنْ يَحْضُرَ، فَمَضَوْا، وَمَضَى أَبِي بَعْدَهُمْ، وَأَنَا مَعَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ أُجْلِسَ فِي بَيْتٍ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ كَانَ يَخْتَلِفُ مَعَهُ إِلَى عَفَّانَ، فَكَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ يُكْنَى بِأَبِي بَكْرٍ، يُعْرَفُ بِالْأَحْوَلِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَاهُنَا آنِيَةُ الْفِضَّةِ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا كُرْسِيٌّ، §فَقَامَ وَخَرَجَ، وَتَبِعَهُ مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ، وَسَأَلَ مَنْ كَانَ فِي الدَّارِ عَنْ خُرُوجِهِ، فَأُخْبِرُوا فَتَبِعَهُ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ، وَأُخْبِرَ الرَّجُلُ، فَخَرَجَ، فَلَحِقَ أَبِي فَحَلَفَ لَهُ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِذَلِكَ، وَلَا أَمَرَ بِهِ. وَجَاءَ يَطْلُبُ إِلَيْهِ، فَأَبَى، وَجَاءَ الرَّجُلُ عَفَّانَ: فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا أَبَا عُثْمَانَ اطْلُبْ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يَرْجِعُ، فَكَلَّمَهُ عَفَّانُ، فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ، وَنَزَلَ بِالرَّجُلِ أَمَرٌ عَظِيمٌ "
حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ صَالِحٍ الطَّرَسُوسِيُّ قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَيَحْيَى الْجَلَّاءُ، وَكَانَ يُقَالُ إِنَّهُ مِنَ الْأَبْدَالِ، إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلْتُهُ، وَكَانَ إِلَى جَنْبِهِ بُورَانُ، وَزُهَيْرٌ، وَهَارُونُ الْجَمَّالُ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، §بِمَ تَلِينُ الْقُلُوبُ؟ فَأَبْصَرَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَغَمَزَهُمْ بِعَيْنِهِ، ثُمَّ أَطْرَقَ سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّ بِأَكْلِ الْحَلَالِ». فَمَرَرْتُ كَمَا أَنَا إِلَى أَبِي نَصْرٍ بِشْرَ بْنِ الْحَارِثِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا نَصْرٍ، بِمَ تَلِينُ الْقُلُوبُ قَالَ: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] قُلْتُ: فَإِنِّي جِئْتُ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: هِيهِ إِيشْ قَالَ لَكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْتُ «بِأَكْلِ الْحَلَالِ». فَقَالَ: جَاءَ بِالْأَصْلِ. فَمَرَرْتُ إِلَى عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ بِمَ تَلِينُ الْقُلُوبُ؟ قَالَ: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] قُلْتُ: فَإِنِّي جِئْتُ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ. فَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ مِنَ الْفَرَحِ وَقَالَ لِي: أَيْشِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. فَقُلْتُ: قَالَ: «بِأَكْلِ الْحَلَالِ». فَقَالَ: جَاءَكَ بِالْجَوْهَرِ. جَاءَكَ بِالْجَوْهَرِ. الْأَصْلُ كَمَا قَالَ. الْأَصْلُ كَمَا قَالَ

الصفحة 182