كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا أَحْمَدُ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: «§خَرَجَ أَبِي إِلَى طَرَسُوسَ مَاشِيًا، وَخَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ مَاشِيًا، وَحَجَّ خَمْسَ حِجَجٍ؛ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مَاشِيًا، وَلَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ رَأَى أَبِي فِي هَذِهِ النَّوَاحِي يَوْمًا إِلَّا إِذَا خَرَجَ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَكَانَ أَصْبَرَ النَّاسِ عَلَى الْوَحْدَةِ، وَبِشْرٌ رَحِمَهُ اللَّهُ، فِيمَا كَانَ فِيهِ، لَمْ يَكُنْ يَصْبِرُ عَلَى الْوَحْدَةِ، فَكَانَ يَخْرُجُ إِلَى ذَا سَاعَةً، وَإِلَى ذَا سَاعَةً»
حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: عَقِلَ أَبُوكَ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ فَقَالَ: «نَعَمْ، كُنَّا نُوصِيهِ، فَكَانَ يشِيرُ بِيَدِهِ»، فَقَالَ صَالِحٌ: إِيشْ يَقُولُ: فَقُلْتُ: أَهُوَ ذَا يَقُولُ: «§خَلِّلُوا أَصَابِعِي فَخَلَّلْنَا أَصَابِعَهُ، ثُمَّ تَرَكَ الْإِشَارَةَ فَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ»
حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا أَحْمَدُ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، وَذَكَرَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ -: «أَخْرِجْ كِتَابَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ»، فَأَخْرَجْتُ الْكِتَابَ، فَقَالَ: «أَخْرِجْ أَحَادِيثَ لَيْثٍ»، قَالَ: قُلْتُ لِطَلْحَةَ: إِنَّ طَاوُسًا كَانَ §يَكْرَهُ الْأَنِينَ فِي الْمَرَضِ. فَمَا سُمِعَ لَهُ أَنِينٌ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَرَأْتُ الْحَدِيثَ عَلَى أَبِي فَمَا سَمِعْتُ أَبِي أَنَّ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللَّهُ
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرَوَيْهِ، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: " §حَضَرَتْ أَبِي الْوَفَاةُ فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ، وَبِيَدِيَ الْخِرْقَةُ، وَهُوَ فِي النَّزْعِ؛ لَأَشُدَّ لَحْيَيْهِ، فَكَانَ يَغْرِقُ حَتَّى نَظُنُّ أَنْ قَدْ قُضِيَ، ثُمَّ يُفِيقُ، وَيَقُولُ: لَا بَعْدُ لَا بَعْدُ بِيَدِهِ، فَفَعَلَ هَذَا مَرَّةً، وَثَانِيَةً، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتِ، إِيشْ هَذَا الَّذِي قَدْ لَهَجْتَ بِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ مَا تَدْرِي، فَقُلْتُ: لَا فَقَالَ: إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ، قَامَ بِحِذَائِي عَاضًّا عَلَى أَنَامِلِهِ يَقُولُ: يَا أَحْمَدُ فُتَّنِي، وَأَنَا أَقُولُ: لَا بَعْدُ. حَتَّى أَمُوتَ "
حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَبِي §حَرَجَ عَلَى النَّمْلِ أَنْ يَخْرُجْنَ مِنْ دَارِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ النَّمْلَ قَدْ خَرَجْنَ بَعْدَ ذَلِكَ نَمْلًا سَوْدَاءَ، فَلَمْ أَرَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ»
«وَرَأَيْتُ أَبِي §آخِذًا شَعْرَةً مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُهَا عَلَى فِيهِ يُقَبِّلُهَا، وَأَحْسِبُ أَنِّي رَأَيْتُهُ يَضَعُهَا عَلَى -[184]- عَيْنَيْهِ، وَيَغْمِسُهَا فِي الْمَاءِ، ثُمَّ يَشْرَبُهُ، ثُمَّ يَسْتَشْفِي بِهَا. وَرَأَيْتُهُ قَدْ أَخَذَ قَصْعَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَسَلَهَا فِي جُبِّ الْمَاءِ، ثُمَّ شَرِبَ فِيهَا، وَرَأَيْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ يَشْرَبُ مَاءَ زَمْزَمٍ يَسْتَشْفِي بِهِ، وَيَمْسَحُ بِهِ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ»

الصفحة 183