كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ إِمْلَاءً , ثنا هَارُونُ بْنُ مُلُوكٍ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ، يَقُولُ: تَسَمَّعُوا لَيْلًا عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ فَسَمِعُوهُ يَقُولُ: «يَا رَبِّ §إِنْ طَالَبْتَنِي بِسَرِيرَتِي طَالَبْتُكَ بِتَوْحِيدِكَ وَإِنْ طَالَبْتَنِي بِذُنُوبِي طَالَبْتُكَ بِكَرَمِكَ وَإِنْ جَعَلْتَنِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَخْبَرْتُ أَهْلَ النَّارِ بِحُبِّي إِيَّاكَ»
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الْجَلِيلِ، يَقُولُ: " §ذَهَبَ الْمُطِيعُونَ لِلَّهِ بِلَذِيذِ الْعَيْشِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَضِيتُمْ بِي بَدَلًا دُونَ خَلْقِي وَآثَرْتُمُونِي عَلَى شَهَوَاتِكُمْ فِي الدُّنْيَا فَعِنْدِي الْيَوْمَ فَبَاشِرُوهَا فَلَكُمُ الْيَوْمَ عِنْدِي تَحِيَّاتِي وَكَرَامَتِي فَبِي فَافْرَحُوا وَبِقُرْبِي فَتَنَعَّمُوا فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خَلَقْتُ الْجَنَّاتِ إِلَّا مِنْ أَجْلِكُمْ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دَاوُدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَطَرٍ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عُثْمَانَ الْجُوعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، يَقُولُ: " قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: §بِعَيْنَيَّ مَا يَتَحَمَّلُ الْمُتَحَمِّلُونَ مِنْ أَجْلِي وَيُكَابِدُ الْمُكَابِدُونَ فِي طَلَبِ مَرْضَاتِي، فَكَيْفَ بِهِمْ وَقَدْ صَارُوا فِي جِوَارِي وَتَبَحْبَحُوا فِي رِيَاضِ خُلْدِي فَهُنَالِكَ فَلْيُبْشِرِ الْمُصْغُونَ إِلَى أَعْمَالِهِمْ بِالنَّظَرِ الْعَجِيبِ مِنَ الْحَبِيبِ الْقَرِيبِ، تَرَوْنَ أَنْ أُضَيِّعَ لَهُمْ عَمَلًا وَأَنَا أَجُودُ عَلَى الْمُوَلِّينَ عَنِّي فَكَيْفَ بِالْمُقْبِلِينَ عَلَيَّ، مَا غَضِبْتُ عَلَى أَحَدٍ كَغَضَبِي عَلَى مَنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَاسْتَعْظَمَهُ فِي جَنْبِ عَفْوِي فَلَوْ كُنْتُ مُعَجِّلًا أَحَدًا وَكَانَتِ الْعَجَلَةُ مِنْ شَأْنِي لَعَاجَلْتُ الْقَانِطِينَ مِنْ رَحْمَتِي، فَأَنَا الدَّيَّانُ الَّذِي لَا تَحِلُّ مَعْصِيَتِي وَلَا أُطَاعُ إِلَّا بِفَضْلِ رَحْمَتِي، وَلَوْ لَمْ أَشْكُرْ عِبَادِي إِلَّا عَلَى خَوْفِهِمْ مِنَ الْمُقَامِ بَيْنَ يَدَيَّ لَشَكَرْتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلْتُ ثَوَابَهُمُ الْأَمْنَ مِمَّا خَافُوا، فَكَيْفَ بِعِبَادِي لَوْ قَدْ رَفَعْتُ قُصُورًا تَحَارُ لِرُؤْيَتِهَا الْأَبْصَارُ فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا لِمَنْ هَذِهِ الْقُصُورُ؟ فَأَقُولُ: لِمَنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا وَلَمْ يَسْتَعْظِمْهُ فِي جَنْبِ عَفْوِي أَلَا وَإِنِّي مُكَافِئٌ عَلَى الْمَدْحِ فَامْدَحُونِي "
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، ثنا أَبُو هَارُونَ يُوسُفُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: " §مَنْ أَحْسَنَ فِي نَهَارِهِ كُفِيَ فِي لَيْلِهِ -[256]-، وَمَنْ أَحْسَنَ فِي لَيْلِهِ كُفِيَ فِي نَهَارِهِ، وَمَنْ صَدَقَ فِي تَرْكِ شَهْوَةٍ كُفِيَ مُؤْنَتَهَا وَكَانَ اللَّهُ أَكْرَمَ مِنْ أَنْ يُعَذِّبَ قَلْبًا بِشَهْوَةٍ تُرِكَتْ لَهُ

الصفحة 255