كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا إِسْحَاقُ، ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: كَانَ لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا قَدَحٌ يَشْرَبُ فِيهِ وَيَتَوَضَّأُ فَمَرَّ بِرَجُلٍ يَشْرَبُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: أَرَى هَذَا قَدِ اجْتَزَى بِيَدِهِ فَطَرَحَ الْقَدَحَ، فَقَالَ: " §هَذَا مَعَ مَا تَرَكْتُهُ مِنَ الدُّنْيَا
وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ: تَبِيتُ عِنْدَنَا؟ قَالَ: «§مَا أُحِبُّكُمْ تَشْغَلُونِي بِالنَّهَارِ وَتُرِيدُونَ أَنْ تَشْغَلُونِي بِاللَّيْلِ»
وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ: إِنِّي قَدْ غَبَطْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: «بِأَيِّ شَيْءٍ وَيْحَكَ»، قُلْتُ: بِثَمَانِ مِائَةِ سَنَةٍ وَبِأَرْبَعِمِائَةِ سَنَةٍ حَتَّى يَصِيرُوا كَالشِّنَانِ الْبَالِيَةِ وَالْحَنَايَا وَكَالْأَوْتَارِ. قَالَ: «§مَا ظَنَنْتُ إِلَّا أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ بِشَيْءٍ لَا وَاللَّهِ مَا يُرِيدُ اللَّهُ مِنَّا أَنْ تَيْبَسَ جُلُودُنَا عَلَى عِظَامِنَا وَلَا يُرِيدُ مِنَّا إِلَّا صِدْقَ النِّيَّةِ فِيمَا عِنْدَهُ، هَذَا إِذَا صَدَقَ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ نَالَ مَا نَالَ ذَاكَ فِي عُمْرِهِ»
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَائِلَةَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: " §كَانُوا إِذَا شُغِلُوا لَا يَشْتَهُوا اللِّقَاءَ، فَإِذَا افْتَرَقُوا الْتَقَوْا وَتَوَاضَعُوا
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§مَا شَكَكْتَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَلَا تَشُكَّنَّ أَنَّ اجْتِمَاعَكُمْ بِاللَّيْلِ بِدْعَةً»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «§ما عَمِلَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَمَلًا قَطُّ كَانَ أَنْفَعَ لَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ مَا زَالَ مِنْهَا خَائِفًا هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: ثنا إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «§كَيْفَ يَعْجَبُ عَاقِلٌ بِعَمَلِهِ وَإِنَّمَا يُعَدُّ الْعَمَلُ نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْكُرَ وَيَتَوَاضَعَ، وَإِنَّمَا يَعْجَبُ بِعَمَلِهِ الْقَدَرِيَّةُ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ، فَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَعْجَبُ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «§أَرْجُو أَنْ أَكُونَ، قَدْ رُزِقْتُ مِنَ الرِّضَا طَرِيقًا، وَلَوْ أَدْخِلْنِي النَّارَ لَكُنْتُ بِذَاكَ رَاضِيًا»
قَالَ: وَرَأَيْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ أَرَادَ أَنْ يُلَبِّيَ فَغُشِيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: " يَا أَحْمَدُ، §بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا حَجَّ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ قَالَ لَهُ -[264]- الرَّبُّ: لَا لَبَّيْكَ وَلَا سَعْدَيْكَ حَتَّى تَرُدَّ مَا فِي يَدَيْكَ، فَمَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يُقَالَ لِي هَذَا، ثُمَّ لَبَّى "

الصفحة 263