كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: " §إِذَا ذَكَرْتُ الْخَطِيئَةَ لَمْ أَشْتَهِ أَنْ أَمُوتَ، قُلْتُ: أَبْقَى لَعَلِّي أَنْ أَتُوبَ "
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§أَيُّ شَيْءٍ يَزِيدُ الْفَاسِقُونَ عَلَيْكُمْ إِذَا اشْتَهَيْتُمْ شَيْئًا أَكَلْتُمُوهُ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ، ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ: يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي صِدِّيقًا؟ قَالَ: «§إِنْ عَرَفَ فِي نَفْسِهِ مِنْ خِصَالِهِمْ شَيْئًا وَإِلَّا فَلَا يَتَعَدَّ فَإِنَّ مِنَ الدُّعَاءِ تَعَدِيًّا»
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: " §وَمَا رَأَيْتُ صُوفِيًّا فِيهِ خَيْرٌ إِلَّا وَاحِدًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَرْزُوقٍ. قَالَ: وَأَنَا أَرِقُّ لَهُمْ "
قَالَ: وَقَالَ صُبْحٌ لِأَبِي سُلَيْمَانَ: طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ. فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: " §طُوبَى لِلْعَارِفِينَ
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَتَعَبَّدُ ثُمَّ يَتْرُكُ الْعِبَادَةَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهَا قَالَ: «§لَيْسَ يَبْلُغُ مَا كَانَ فِيهِ أَبَدًا لِأَنَّهُ دَخَلَهَا أَوَّلًا وَمَعَهُ آلَةٌ مِنَ الْخَوْفِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا عَادَ إِلَيْهَا وَلَيْسَتْ تِلْكَ الْآلَةُ مَعَهُ، فَلَيْسَ يَبْلُغُهَا أَبَدًا»
قَالَ: وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ: يَكُونُ الرَّجُلُ يُصِيبُ الشَّهَوَاتِ وَهُوَ يَجِدُ حَلَاوَةَ الْعِبَادَةِ؟ قَالَ: «§مَا أَعْرِفُهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيَفْعَلُ بَعْدُ فِي خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ»
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§كُلُّ مَنْ أَكَلَ لِيَسُرَّ أَخَاهُ لَمْ يَضُرَّ أَكْلُهُ، إِنَّ الْعَامِلَ لِلَّهِ لَا يَخِيبُ إِنَّمَا يَضُرُّهُ إِذَا أَكَلَهُ شَهْوَةَ نَفْسِهِ» - يَعْنِي الشَّهَوَاتِ -
قَالَ: وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ: يَأْتِي عَلَى الْقَلْبِ سَاعَةٌ لَا يَرْتَاحُ. قَالَ: «§لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حِدَّةِ فِكْرِهِ، قَفْزًا لُقِطَ عَلَى السَّطْحِ - يَعْنِي قَلْبَ ابْنِ آدَمَ - يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ رَوْعَةٍ»
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُعْرَفَ بِشَيْءٍ وَلَا يُسَارُ إِلَيْكَ فَافْعَلْ»
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {§يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: 45]. قَالَ: أَبْصَارُ قُلُوبِهِمْ "
قَالَ: وَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ: سَهِرْتُ لَيْلَةً فِي ذِكْرِ النِّسَاءِ إِلَى الصَّبَّاحِ. قَالَ: فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَغَضِبَ عَلَيَّ فَقَالَ: «§وَيْحَكَ أَمَا اسْتَحْيَيْتَ مِنْهُ يَرَاكَ سَاهِرًا فِي ذِكْرِ النِّسَاءِ، وَلَكِنْ كَيْفَ تَسْتَحِي مِمَّنْ لَا تَعْرِفُ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§إِذَا لَذَّتْ لَكَ الْقِرَاءَةُ فَلَا تَرْكَعْ وَلَا تَسْجُدْ، وَإِذَا لَذَّ لَكَ السُّجُودُ فَلَا تَرْكَعْ وَلَا تَقْرَأْ، الْأَمْرُ الَّذِي يُفْتَحُ لَكَ فِيهِ فَالْزَمْهُ»
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ -[266]- يَقُولُ: «§مَنْ كَانَ يَوْمُهُ مِثْلَ أَمْسِهِ فَهُوَ فِي نُقْصَانٍ». قَالَ: وَفَسَّرَهُ قَالَ: «كَانَ أَمْسَى فِي شَيْءٍ يَنْوِي الزِّيَادَةَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ الْيَوْمَ إِلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ فَلَمْ يَنوِ الزِّيَادَةَ فَتَرَتْ نِيَّتُهُ فَلَيْسَ يَثْبُتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ»

الصفحة 265