كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

قَالَ: «§وَلَوْ أَرَادَ الْوَاصِفُ أَنْ يَصِفَ مَا فِي قَلْبِهِ مَا نَطَقَ بِهِ لِسَانُهُ» وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: «لَا يَصِفُ دَرَجَةً هُوَ فِيهَا حَتَّى يَجُوزَهَا وَيَفْتُرُ عَنْهَا»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْرُوفٍ الصَّفَّارُ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ سَهْلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ الدُّورِيُّ، ثنا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ عِيسَى الْجَصَّاصُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «§يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ الْمَعْنِيِّ بِنَفْسِهِ أَنْ يُمِيتَ الْعَاجِلَةَ الزَّائِلَةَ الْمُتَعَقِّدَةَ بِالْآفَاتِ مِنْ قَلْبِهِ بِذِكْرِ الْمَوْتِ وَمَا وَرَاءَ الْمَوْتِ مِنَ الْأَهْوَالِ وَالْحِسَابِ وَوقُوفِهِ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «§الزَّاهِدُ حَقًّا لَا يَذُمُّ الدُّنْيَا وَلَا يَمْدَحُهَا، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَلَا يَفْرَحُ بِهَا إِذَا أَقْبَلَتْ وَلَا يَحْزَنُ عَلَيْهَا إِذَا أَدْبَرَتْ»
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «§إِذَا جَاعَ الْقَلْبُ وَعَطَشَ صَفَا وَرَقَّ وَإِذَا شَبِعَ وَرَوِيَ عَمِيَ وَبَارَ»
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§اسْتَجْلِبِ الزُّهْدَ بِقِصَرِ الْأَمَلِ وَادْفَعْ أَسْبَابَ الطَّمَعِ بِالْإِيَاسِ وَالْقُنُوعِ وَتَخَلَّصْ إِلَى رَاحَةِ الْقَلْبِ بِصِحَّةِ التَّفْوِيضِ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: " §جُلَسَاءُ الرَّحْمَنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ جُعِلَ فِيهِمْ خِصَالٌ بَاقِيَةٌ: الْكَرَمُ، وَالْحِلْمُ، وَالْعِلْمُ، وَالْحِكْمَةُ، وَالرَّحْمَةُ، وَالرَّأْفَةُ، وَالْفَضْلُ، وَالصَّفْحُ، وَالْإِحْسَانُ، وَالْعَطْفُ، وَالْبِرُّ، وَاللُّطْفُ "
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: " §رُدَّ سَبِيلَ الْعُجْبِ بِمَعْرِفَةِ النَّفْسِ، وَتَخَلَّصْ إِلَى إِجْمَاعِ الْقَلْبِ بِقِلَّةِ الْخَطَأِ، وَتَعَرَّضْ لِرِقَّةِ الْقَلْبِ بِمُجَالَسَةِ أَهْلِ الْخَوْفِ وَاسْتَجْلِبْ نُورَ الْقَلْبِ بِدَوَامِ الْحُزْنِ، وَالْتَمِسْ بَابَ الْحُزْنِ بِدَوَامِ الْفِكْرَةِ، وَالْتَمِسْ وُجُوهَ الْفِكْرَةِ فِي الْخَلَوَاتِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: " كَانَ عَطَاءٌ السُّلَمِيُّ قَدِ اشْتَدَّ خَوْفُهُ وَكَانَ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ أَبَدًا §فَإِذَا ذُكِرَتْ عِنْدَهُ الْجَنَّةُ قَالَ: نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ "
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، قَالَا: ثنا إِبْرَاهِيمٌ، ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ -[267]-، يَقُولُ: " أَقَمْتُ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ أَحْتَلِمْ فَدَخَلْتُ مَكَّةَ فَأَحْدَثْتُ بِهَا حَدَثًا فَمَا أَصْبَحْتُ حَتَّى احْتَلَمْتُ. فَقُلْتُ لَهُ: فَأَيُّ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ الْحَدَثَ قَالَ: §تَرَكْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي جَمَاعَةٍ فَمَا أَصْبَحْتُ حَتَّى احْتَلَمْتُ ". وَكَانَ يَقُولُ: «الِاحْتِلَامُ عُقُوبَةٌ»

الصفحة 266