كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: " خَرَجَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَتَمَاشَيَانِ فَصَدَمَ يَحْيَى امْرَأَةً فَقَالَ لَهُ عِيسَى: يَا ابْنَ خَالَةَ لَقَدْ أَصَبْتَ الْيَوْمَ خَطِيئَةً مَا أَظُنُّ أَنْ يُغْفَرَ لَكَ أَبَدًا. قَالَ: وَمَا هِيَ يَا ابْنَ خَالَةَ، قَالَ: امْرَأَةٌ صَدَمْتَهَا، قَالَ: وَاللَّهِ مَا شَعَرْتُ بِهَا، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ §بَدَنُكَ مَعِي فَأَيْنَ رُوحُكَ؟ قَالَ: مُعَلَّقٌ بِالْعَرْشِ وَلَوْ أَنَّ قَلْبِيَ اطْمَأَنَّ إِلَى جِبْرِيلَ لَظَنَنْتُ أَنِّي مَا عَرَفْتُ اللَّهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ "
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاكِرٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§يَكُونُ فِي الطَّاعَةِ يَلَذُّ بِهَا فَتَخْطِرُ الدُّنْيَا عَلَى قَلْبِهِ فَتُنَغِّصُ عَلَيْهِ أَوْ تُنَكِّدُ عَلَيْهِ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «§لَوْ مَرَّ الْمُطِيعُونُ بِالْمَعَاصِي مَطْرُوحَةً فِي السِّكَكِ مَا الْتَفَتُوا إِلَيْهَا»
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «§لَأَنْ تُضْرَبُ رَأْسِي بِالسِّيَاطِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آكُلَ قَصْعَةَ خَلٍّ وَزَيْتٍ، وَلَأَنْ آكُلَ قَصْعَةَ خَلٍّ وَزَيْتٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُولَدَ لِي غُلَامٌ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§كُلُّ مَنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنَ التَّطَوُّعِ يَلَذُّ بِهِ فَجَاءَ وَقْتُ فَرِيضَةٍ فَلَمْ يَقْطَعْ وَقْتُهَا لَذَّةَ التَّطَوُّعِ فَهُوَ فِي تَطَوُّعِهِ مَخْدُوعٌ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: " §لَيْسَ يَنْبَغِي لِمَنْ أُلْهِمَ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ حَتَّى يَسْمَعَهُ فِي الْأَثَرِ فَإِذَا سَمِعَهُ فِي الْأَثَرِ عَمِلَ بِهِ وَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا وَفَّقَ مِنْ قَلْبِهِ
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: " يَعْرِضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى ابْنِ آدَمَ عُمْرَهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ سَاعَةً سَاعَةً يَقُولُ: §ابْنَ آدَمَ أَتَتْ عَلَيْكَ سَاعَةٌ كُنْتَ تُطِيعُنِي، وَسَاعَةٌ كُنْتَ تَذْكُرُنِي وَسَاعَةٌ كُنْتَ غَافِلًا "
قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي سُلَيْمَانَ: " §يَكُونُ فِي الْقُلُوبِ مَنْ يُثَابُ عَلَى الطَّاعَةِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا؟ قَالَ: «وَيْحَكَ وَأَيْنَ الْقَلْبُ الَّذِي يُثَابُ قَبْلَ أَنْ يُطِيعَ، ذَاكَ يُعَاقَبُ قَبْلَ أَنْ يَعْصِيَ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§لَوْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ أُعْطِيَ شَهْوَتَهُ مِنَ الْجُوعِ لَتَفَسَّخَتْ أَعْضَاؤُهُ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُلْفِيَ الْمَئونَةَ فَيُحَدِّثُ الرَّجُلُ وَأَنَا أَسْمَعُ، وَلَرُبَّمَا حَدَّثَنِي الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ فَأُنْصِتُ لَهُ كَأَنِّي مَا سَمِعْتُهُ، وَلَرُبَّمَا مَشَيْتُ إِلَى الرَّجُلِ -[270]- وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَشْيِ مِنِّي إِلَيْهِ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْأَخِ مِنْ إِخْوَانِي فَمَا يُفَارِقُ كَفِّي كَفَّهُ أَجِدُ طَعْمَ ذَلِكَ فِي قَلْبِي»

الصفحة 269