كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ فِي الرُّهْبَانِ: «§مَا قَوَوْا عَلَى مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْمَفَاوِزِ وَالْبَرَارِي إِلَّا بِشَيْءٍ يَجِدُونَهُ فِي قُلُوبِهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَجَّلَ لَهُمْ ثَوَابُهُمْ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ثَوَابٌ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ، ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «§مَنْ عَمِلَ شَيْئًا مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ بِلَا نِيَّةٍ أَجْزَأَتْهُ النِّيَّةُ الْأُولَى حِينَ اخْتَارَ الْإِسْلَامَ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا لِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ مِنْ سُنَنِ الْإِسْلَامِ وَمِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ»
قَالَ وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§مَا أَتَى مَنْ أَتَى إِبْلِيسَ وَقَارُونَ وَبلعامَ إِلَّا أَنَّ أَصْلَ نِيَّاتِهِمْ عَلَى غِشٍّ فَرَجَعُوا إِلَى الْغِشِّ الَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَمُنَّ عَلَى عَبْدٍ بِصِدْقٍ ثُمَّ يَسْلَبُهُ إِيَّاهُ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ فِي الْقَدَرِيَّةِ: «وَيْحَكَ أَمَا رَضُوا وَاللَّهِ أَنْ يُشْرِكُوا أَنْفُسَهُمْ وَالشَّيْطَانُ مَعَهُمْ حَتَّى جَعَلُوا أَنْفُسَهُمْ وَالشَّيْطَانُ أَقْوَى مِنْهُ، وَزَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ لِطَاعَتِهِ فَجَاءَ إِبْلِيسُ فَقَلَبَهُمْ إِلَى الْمَعْصِيَةِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ إِذَا أَرَادُوا شَيْئًا كَانَ وَأَنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ». ثُمَّ قَالَ: «§سُبْحَانَ مَنْ لَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ إِلَّا مَا أَرَادَ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§إِنَّمَا آتِي أَنَا وَأَنْتَ مَأْتًى مِنَ الْتَّخْلِيطِ نَقُومُ لَيْلَةً وَنَنَامُ لَيْلَةً وَنَصُومُ يَوْمًا وَنُفْطِرُ يَوْمًا وَلَيْسَ يَسْتَنِيرُ الْقَلْبُ عَلَى هَذَا» , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: «وَلِلدَّوَامِ ثَوَابٌ»
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا ابْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «§لِتَرْكِ الشَّهَوَاتِ ثَوَابٌ وَلِلْمُدَاوَمَةِ ثَوَابٌ، وَإِنَّمَا أَنَا وَأَنْتَ مِمَّنْ يَقُومُ لَيْلَةً وَيَنَامُ لَيْلَتَيْنِ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ وَلَيْسَ تَسْتَنِيرُ الْقُلُوبُ عَلَى هَذَا»
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «§كَمْ بَيْنَ مَنْ هُوَ فِي صَلَاتِهِ لَا يُحِسَّ - أَوْ قَالَ لَا يَشْعُرُ - مَنْ مَرَّ بِهِ وَبَيْنَ آخَرَ يَتَوَقَّعُ -[272]- خَفْقَ النِّعَالِ حَتَّى يَجِيءَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ»

الصفحة 271