كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَحْمَدُ، ثنا أَبُو سُلَيْمَانَ، قَالَ: " §بَيْنَمَا عَابِدٌ فِي غَيْطَتِهِ عَلَى الْخَلَاءِ إِذْ هَبَّتِ الرِّيحُ فَتَنَاثَرَ وَرَقُ الشَّجَرِ فَنَقَرَ إِبْلِيسُ قَلْبَهُ فَقَالَ: مَنْ يُحْصِي هَذَا؟ قَالَ: فَنُودِيَ مِنْ خَلْفِهِ: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] "
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§إِنَّمَا الْغَضَبُ عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي عِنْدَمَا حَلَّ نَظَرُكَ إِلَيْهِمْ عَلَيْهَا فَإِذَا تَفَكَّرْتَ فِيمَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ مِنْ عُقُوبَةِ الْآخِرَةِ دَخَلَتِ الرَّحْمَةُ لَهُمُ الْقَلْبَ»
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: كُنْتُ إِذَا شَكَوْتُ إِلَى أَبِي سُلَيْمَانَ قَسَاوَةَ قَلْبِي أَوْ شَيْئًا قَدْ نِمْتُ عَنْهُ مِنْ حِزْبِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ قَالَ: «§بِمَا كَسَبَتْ يَدَاكَ - وَمَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ - شَهْوَةً أَصَبْتَهَا»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {§كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29]، قَالَ: «لَيْسَ مِنَ اللَّهِ شَيْءٌ يَحْدُثُ إِنَّمَا هُوَ فِي تَنْفِيذِ مَا قَدَّرَ أَنْ يَكُونَ فِي ذَاكَ الْيَوْمِ»
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «إِنَّ §فِي خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى خَلْقًا لَوْ ذُمَّ لَهُمُ الْجِنَانُ مَا اشْتَاقُوا إِلَيْهَا فَكَيْفَ يُحِبُّونَ الدُّنْيَا وَهُوَ قَدْ زَهَّدَهُمْ فِيهَا»، فَحَدَّثْتُ بِهِ سُلَيْمَانَ ابْنَهُ فَقَالَ: لَوْ ذَمَّهَا لَهُمْ؟ قُلْتُ: كَذَا قَالَ أَبُوكَ. قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ شَوَّقَهُمْ إِلَيْهَا لَمَا اشْتَاقُوا فَكَيْفَ لَوْ ذَمَّهَا لَهُمْ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «§لَيْسَ الزَّاهِدُ مَنْ أَلْقَى غَمَّ الدُّنْيَا وَاسْتَرَاحَ فِيهَا، إِنَّمَا الزَّاهِدُ مَنْ أَلْقَى غَمَّهَا وَتَعِبَ فِيهَا لِآخِرَتِهِ»
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: " §كُنْتُ بِالْعِرَاقِ أَنْظُرُ إِلَى قُصُورِهَا وَإِلَى مَرَاكِبِهَا فَمَا تُنَازِعُنِي إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا وَأَمُرُّ بِذَلِكَ الرَّفْلِ فَأَمِيلُ عَنِ الْحِمَارِ شَهْوَةً لَهُ، فَحَدَّثْتُ بِهِ مضاءَ بْنَ عِيسَى فَقَالَ: آيَسَهَا مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ تَرُدَّهُ وَأَطْعَمَهَا مِنْ هَذِهِ فَمَالَتْ إِلَيْهِ "
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «§مَا نَجَبَ إِلَّا بِطَاعَتِهِمُ الْمُؤَدَّبِينَ وَأَنْتَ تَعْصِينِي؟ قَدْ أَمَرْتُكَ أَنْ لَا تَفْتَحَ أَصَابِعَكَ فِي الثَّرِيدِ ضُمَّهَا»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «§خَيْرُ مَا أَكُونُ أَبَدًا إِذَا لَصَقَ بَطْنِي بِظَهْرِي»

الصفحة 273