كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاكِرٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو سُلَيْمَانَ: «§إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَلْبَسَ إِلَّا لِبَاسًا يَطَّلِعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَلْبِكَ أَنَّكَ لَا تُرِيدُ دُونَهُ فَافْعَلْ»
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ، ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: " §مَنْ سَالَتْ مِنْ عَيْنَيْهِ قَطْرَةٌ - يَعْنِي دَمْعَةٌ - يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الرَّوَاحِ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْمَلِكِ صَاحِبِ الشِّمَالِ: اطْوِ صَحِيفَةَ عَبْدِي فَلَا تَكْتُبْ عَلَيْهِ خَطِيئَةً إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى ". قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: " فَلَقِيتُ أَبَا سَهْلٍ الصَّفَّارُ بِالْبَصْرَةِ فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بُكَائِهِ شَيْءٌ إِلَّا طَيُّ الصَّحِيفَةِ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَمَا لَهُ شَيْءٌ - أَيْ عَمَلٌ - مَعَ الْبُكَاءِ
قَالَ: وَحَدَّثْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ أُهْدِيَ لَهُ رَكْوَةٌ فَلَمَّا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ حَدَّثَتْهُ نَفْسُهُ بِهَا أَيْ مَخَافَةَ أَنْ تُسْرَقَ الرَّكْوَةُ فَجَاءَ فَأَخْرَجَهَا. فَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: «§هَذَا مِنْ ضَعْفِ الصُّوفِيِّينَ هُوَ قَدْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا فَمَا عَلَيْهِ لَوْ ذَهَبَتِ الرَّكْوَةُ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: " §فِي الْجَنَّةِ قِيعَانٌ فَإِذَا أَخَذَ ابْنً آدَمَ فِي ذِكْرِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَخَذَتِ الْمَلَائِكَةُ فِي غَرْسِ الْأَشْجَارِ فَرُبَّمَا غَرَسَ بَعْضُهُمْ وَأَمْسَكَ بَعْضُهُمْ، فَيَقُولُ الَّذِي يَغْرِسُ لِلَّذِي لَا يَغْرِسُ: مَا لَكَ يَا فُلَانُ قَالَ: فَتَرَ صَاحِبِي "
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، وَرَأَى خَلِيفَةٌ الْكَلْبِيِّينَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَانُوا يَلْبَسُونَ عَمَائِمَ صُفْرًا وَقَلَانِسَ طُوَالًا فَقَالَ: «§قَدْ تَرَكُوكُمْ وَآخِرَتَكُمْ فَاتْرُكُوهُمْ وَدُنْيَاهُمْ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ يَقُولُ: «إِنَّ §فِي خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَلْقًا مَا تَشْغَلُهُمُ الْجَنَّاتُ وَمَا فِيهَا عَنْهُ فَكَيْفَ يَشْتَغِلُونَ بِالدُّنْيَا»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، يَقُولُ: «مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ -[277]- إِبْلِيسَ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنِي أَنْ أَتَعَوَّذَ مِنْهُ مَا تَعَوَّذْتُ مِنْهُ أَبَدًا». وَقَالَ: «§شَيْطَانُ الْجِنِّ أَهْوَنُ عَلِيَّ مِنْ شَيْطَانِ الْإِنْسِ شَيْطَانُ الْإِنْسِ يَتَعَلَّقُ بِي فَيُدْخِلُنِي فِي الْمَعْصِيَةِ وَشَيْطَانُ الْجِنِّ إِذَا تَعَوَّذْتُ مِنْهُ خَنَسَ عَنِّي»

الصفحة 276