كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، ثنا الْقَاضِي حَمْزَةُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا الْأُشْنَانِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَرَّازُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ بِسَاحِلِ دِمَشْقَ يُقَالُ لَهُ عَلْقَمَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سُوَيْدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي سُوَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: وَفَدْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابِعَ سَبْعَةٍ مِنْ قَوْمِي فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَكَلَّمْنَاهُ فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ سَمْتِنَا وَزِيِّنَا فَقَالَ: «مَا أَنْتُمْ؟» قُلْنَا: مُؤْمِنِينَ. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «إِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً §فَمَا حَقِيقَةُ قَوْلِكُمْ وَإِيمَانِكُمْ؟» قَالَ سُوَيْدٌ: فَقُلْنَا: خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً: خَمْسٌ مِنْهَا أَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نُؤْمِنَ بِهَا، وَخَمْسٌ مِنْهَا أَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نَعْمَلَ بِهَا، وَخَمْسٌ مِنْهَا تَخَلَّقْنَا بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَنَحْنُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ تَكْرَهَ مِنْهَا شَيْئًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا الْخَمْسُ الَّتِي أَمَرَتْكُمْ رُسُلِي أَنْ تُؤْمِنُوا بِهَا؟» قُلْنَا: أَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ. قَالَ: «وَمَا الْخَمْسُ الَّتِي أَمَرَتْكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا؟» قُلْنَا: أَمَرَتْنَا رُسُلُكَ أَنْ نَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَنُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَنُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَنَصُومَ رَمَضَانَ، وَنَحُجَّ الْبَيْتَ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. قَالَ: «وَمَا الْخَمْسُ الَّتِي تَخَلَّقْتُمْ بِهَا أَنْتُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟» قُلْنَا: الشُّكْرُ عِنْدَ الرَّخَاءِ، وَالصَّبْرُ عِنْدَ الْبَلَاءِ، وَالصِّدْقُ فِي مَوَاطِنِ اللِّقَاءِ، وَالرِّضَى بِمُرِّ الْقَضَاءِ، وَالصَّبْرُ عِنْدَ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُلَمَاءُ حُكَمَاءُ كَادُوا مِنْ صِدْقِهِمْ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ»
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَضْلِ حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْحَدَّادِ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ: " §وَأَنَا أَزِيدُكُمْ خَمْسًا فَتَتِّمُ لَكُمْ عِشْرُونَ خَصْلَةً: إِنْ كُنْتُمْ كَمَا تَقُولُونَ فَلَا تَجْمَعُوا مَا لَا تَأْكُلُونَ، وَلَا تَبْنُوا مَا لَا تَسْكُنُونَ، وَلَا تَنَافَسُوا فِي شَيْءٍ أَنْتُمْ عَنْهُ غَدًا زَائِلُونَ، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَعَلَيْهِ تُعْرَضُونَ، وَارْغَبُوا فِيمَا عَلَيْهِ تَقْدَمُونَ وَفِيهِ -[280]- تَخْلُدُونَ " قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: قَالَ لِي عَلْقَمَةُ بْنُ يَزِيدَ: فَانْصَرَفَ الْقَوْمُ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَفِظُوا وَصِيَّتَهُ وَعَمِلُوا بِهَا، وَلَا وَاللَّهِ مَا بَقِيَ مِنْ أُولَئِكَ النَّفُرُ وَلَا مِنْ أَوْلَادَهِمْ أَحَدٌ غَيْرِي، وَمَا بَقِيَ إِلَّا أَيَّامًا قَلَائِلَ ثُمَّ مَاتَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا السيَاقِ مَجْمُوعًا لَمْ نَكْتُبْهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُلَيْمَانَ، تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ

الصفحة 279