كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

§أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ وَمِنْهُمُ الْقَاصِمُ الْهَاشِمُ اللَّائِمُ النَّاقِمُ الْأَنْطَاكِيُّ أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ. كَانَ لِلْهَوى قَاصِمًا وَلِشُرُورِ النَّفْسِ هَاشِمًا، يُدِيمُ الْقِيَامُ وَيَنْقِمُ عَلَى اللُّوَّامِ
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدٍ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدِ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَاصِمِ الْأَنْطَاكِيِّ، قَالَ: «§كُلُّ نَفْسٍ مَسْئُولَةٌ فَمُرْتَهَنَةٌ أَوْ مُخَلَّصَةٌ وَفِكَاكُ الرُّهُونِ بَعْدَ قَضَاءِ الدُّيُونِ، فَإِذَا أُغْلِقَتِ الرُّهُونُ أُكِّدَتِ الدُّيُونُ، وَإِذَا أُكِّدَتِ الدُّيُونِ اسْتَوْجَبُوا السُّجُونَ»
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: «§ارْجِعْ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ عَلَى شُرُورِ هَذِهِ الْأَنْفُسِ وَمُخَالَفَةِ هَذِهِ الْأَهْوَاءِ وَمُجَاهَدَةِ هَذَا الْعَدُوِّ، وَاشْتَغِلْ بِهِ مُضْطَرًّا إِلَيْهِ، خَائِفًا مِنْ عِقَابِهِ رَاجِيًا لِثَوَابِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ دَرَجَةِ الصِّدْقِ أَنْ تَنَالَهَا عَقَبَةُ الْكَذِبِ أَنْ تَقْطَعَهَا، فَاسْتَعِنْ عَلَى قَطْعِهَا بِالْخَوْفِ الْحَاجِزِ وَبِصِدْقِ الْمُنَاجَاةِ لِلِاضْطِرَارِ بِقَلْبٍ مُوجَعٍ مِنْ ذَلِكَ يَصْفُو الْقَلْبُ وَيَكْثُرُ تَيَقُّظُهُ وَتَتَسَوَّرُ عَلَيْهِ طَوَارِقُ الْأَحْزَانِ وَتَقِلُّ فِيهِ الْغَفْلَةُ وَالْعَيْنُ الَّذِي يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْخَوْفُ وَالشُّكْرُ وَمَخْرَجُ الشُّكْرِ مِنَ الْيَقِينِ عَزِيزٌ غَيْرُ مَوْجُودٍ»
حَدَّثَنَا أَبِي وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدٌ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيِّ، قَالَ: «§تَلَذَّذَتِ الْجَوَارِحُ بِذِكْرِهَا، وَهَشَّتِ الْأَبْدَانُ لِاسْتِمَاعِهَا وَوَضَحَتِ الْعُقُولُ حَقَائِقَهَا، وَهَانَ عَلَى الْمَسَامِعِ وَعْيُهَا، مُسْتَأْنِسَةٌ إِلَيْهَا أَرْوَاحُ الْمُوقِنِينَ -[281]-، مُطْمَئِنَّةٌ إِلَيْهَا أَنْفَسُ الْمُتَّقِينَ وَالِهَةٌ عَلَيْهَا أَبْصَارُ الْمُتَفَكِّرِينَ، قَنِعَةٌ بِهَا قُلُوبُ الْمُسْتَبْصِرِينَ، مُتَنَاهِيَةٌ إِلَيْهَا أَوْهَامُ الْمُتَوَهِّمِينَ سَاكِنَةٌ إِلَيْهَا فِكَرُ النَّاظِرِينَ، مُسْتَبْشِرَةٌ بِهَا إِخْلَاصُ الصِّدِّيقِينَ كَلِمَةً خَفَّ عَلَى الْقُلُوبِ مَحْمَلُهَا، وَلَانَ عَلَى الْجَوَارِحِ مَلْفَظُهَا، وَسَلُسَ عَلَى الْأَلْسُنِ تَرْدَادُهَا، وَعَذُبَ عَلَى اللَّهَوَاتِ مَقَالَتُهَا، وَبَرَدَ عَلَى الْأَكْبَادِ لَذَاذَتُهَا»

الصفحة 280