كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

وَمِمَّا أَسْنَدَ بِهِ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ - صَاحِبُ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ - ثنا بَشِيرُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §تَقُولُ جَهَنَّمُ لِلْمُؤْمِنِ: يَا مُؤْمِنُ جُزْ فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي ". حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ، ثنا أَبِي مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ الطَّيِّبِ الْمِصِّيصِيُّ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ، ثنا أَبِي، ثنا مَعْرُوفٌ أَبُو الْخَطَّابِ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: لَمَّا أَسْلَمْتُ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «§اغْتَسِلْ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاحْلِقْ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ»
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ ابْنُ الْمُفِيدِ ثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ اللَّيْثِ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَا: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ، ثنا أَبِي، عَنِ الْمُنْكَدِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ -[330]- يُقَالُ لَهُ: ثَعْلَبَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَسْلَمَ فَكَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ فِي حَاجَةٍ فَمَرَّ بِبَابِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَرَأَى امْرَأَةَ الْأَنْصَارِيِّ تَغْتَسِلُ فَكَرَّرَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَخَافَ أَنَّ يَنْزِلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ هَارِبًا عَلَى وَجْهِهِ فَأَتَى جِبَالًا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَوَلَجَهَا فَفَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَهِيَ الْأَيَّامُ الَّتِي قَالُوا وَدَّعَهُ رَبُّهُ وَقَلَى، ثُمَّ إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ: إِنَّ الْهَارِبَ مِنْ أُمَّتِكَ بَيْنَ هَذِهِ الْجِبَالِ يَتَعَوَّذُ بِي مِنْ نَارِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عُمَرُ وَيَا سَلْمَانُ انْطَلِقَا فَأْتِيَانِي بِثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ» , فَخَرَجَا فِي أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ فَلَقِيَهُمَا رَاعٍ مِنْ رِعَاءِ الْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ رِفَاقَةُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رِفَاقَةُ هَلْ لَكَ عِلْمٌ بِشَابٍّ بَيْنَ هَذِهِ الْجِبَالِ؟ فَقَالَ لَهُ رِفَاقَةُ لَعَلَّكَ تُرِيدُ الْهَارِبَ مِنْ جَهَنَّمَ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَمَا عِلْمُكَ أَنَّهُ هَارِبٌ مِنْ جَهَنَّمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ جَوْفُ اللَّيْلِ خَرَجَ عَلَيْنَا مِنْ هَذِهِ الْجِبَالِ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا لَيْتَكَ قَبَضْتَ رُوحِي فِي الْأَرْوَاحِ وَجَسَدِي فِي الْأَجْسَادِ وَلَمْ تُجَرِّدْنِي فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ، قَالَ عُمَرُ: إِيَّاهُ نُرِيدُ. قَالَ: فَانْطَلَقَ بِهِمْ رِفَاقَةُ فَلَمَّا كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ خَرَجَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِ تِلْكَ الْجِبَالِ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ:: يَا لَيْتَكَ قَبَضْتَ رُوحِي فِي الْأَرْوَاحِ وَجَسَدِي فِي الْأَجْسَادِ وَلَمْ تُجَرِّدْنِي لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، قَالَ: فَعَدَا عَلَيْهِ عُمَرُ فَاحْتَضَنَهُ فَقَالَ: الْأَمَانُ الْخَلَاصُ مِنَ النَّارِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. فَقَالَ: يَا عُمَرُ هَلْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنْبِي؟ قَالَ: لَا عِلْمَ لِي إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَكَ بِالْأَمْسِ فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَنِي أَنَا وَسَلْمَانُ فِي طَلَبِكَ. فَقَالَ: يَا عُمَرُ، لَا تُدْخِلْنِي عَلَيْهِ إِلَّا وَهُوَ يُصَلِّي وَبِلَالٌ يَقُولُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ. قَالَ: أَفْعَلُ، فَأَقْبَلَا بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَافَقُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَبَدَرَ عُمَرُ وَسَلْمَانُ الصَّفَّ فَمَا سَمِعَ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا عُمَرُ وَيَا سَلْمَانُ مَا فَعَلَ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ»، قَالَا: هُوَ ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ -[331]-. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَقَالَ: «ثَعْلَبَةُ» قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: «مَا غَيَّبَكَ عَنِّي؟» قَالَ: ذَنْبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى آيَةٍ تُكَفِّرُ الذُّنُوبَ وَالْخَطَايَا؟» قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " قُلِ اللَّهُمَّ {§آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] " قَالَ: ذَنْبِي أَعْظَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ كَلَامُ اللَّهِ أَعْظَمُ» ثُمَّ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِانْصِرَافِ إِلَى مَنْزِلِهِ فَمَرِضَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فَجَاءَ سَلْمَانُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي ثَعْلَبَةَ نَأْتِهِ لِمَا بِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُومُوا بِنَا إِلَيْهِ» فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ فَأَزَالَ رَأْسَهُ عَنْ حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِمَ أَزَلْتَ رَأْسَكَ عَنْ حِجْرِي؟» قَالَ: إِنَّهُ مِنَ الذُّنُوبِ مَلْآنُ قَالَ: «مَا تَجِدُ» قَالَ: أَجِدُ مِثْلَ دَبِيبِ النَّمْلِ بَيْنَ جِلْدِي وَعَظْمِي، قَالَ: «فَمَا تَشْتَهِي؟» قَالَ: مَغْفِرَةَ رَبِّي، قَالَ: فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ: لَوْ أَنَّ عَبْدِي هَذَا لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَقِيتُهُ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَلَا أُعْلِمُهُ ذَلِكَ؟» قَالَ: بَلَى: فَأَعْلَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَصَاحَ صَيْحَةً فَمَاتَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَسْلِهِ وَكَفَّنَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي عَلَى أَطْرَافِ أَنَامِلِهِ فَقَالُوا: يَا رَسُولِ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَمْشِي عَلَى أَطْرَافِ أَنَامِلِكَ؟ قَالَ: «وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيًّا مَا قَدَرْتُ أَنْ أَضَعَ رِجْلِي عَلَى الْأَرْضِ مِنْ كَثْرَةِ أَجْنِحَةِ مَنْ نَزَلَ لِتَشْيِيعِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ»

الصفحة 329