كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَصْقَلَةَ، ثنا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: «§أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي ابْتَدَعْتَ بِهِ عَجَائِبَ الْخَلْقِ فِي غَوَامِضِ الْعِلْمِ، يَجُودُ جَلَالُ جَمَالِ وَجْهِكَ فِي عَظِيمِ عَجِيبِ تَرْكِيبِ أَصْنَافِ جَوَاهِرِ لُغَاتِهَا، فَخَرَّتِ الْمَلَائِكَةُ سُجَّدًا لِهَيْبَتِكَ مِنْ مَخَافَتِكَ أَنْ تَجْعَلَنَا مِنَ الَّذِينَ سَرَحَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي الْعُلَى وَحَطَّتْ هِمَمُ قُلُوبِهِمْ فِي مُغَلِّبَاتِ الْهَوَى حَتَّى أَنَاخُوا فِي رِيَاضِ النَّعِيمِ، وَجَنَوْا مِنْ ثِمَارِ التَّسْنِيمِ، وَشَرِبُوا بِكَأْسِ الْعِشْقِ وَخَاضُوا لُجَجَ السُّرُورِ وَاسْتَظَلُّوا تَحْتَ فِنَاءِ الْكَرَامَةِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الَّذِينَ شَرِبُوا بِكَأْسِ الصَّفَا فَأَوْرَثَهُمُ الصَّبْرَ عَلَى طُولِ الْبَلَاءِ حَتَّى تَوَلَّيْتَ قُلُوبَهُمْ فِي الْمَلَكُوتِ وَجَالَتْ بَيْنَ سَرَائِرِ حُجُبِ الْجَبَرُوتِ، وَمَالَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي ظِلِّ بَرْدِ نَسِيمِ الْمُشْتَاقِينَ الَّذِينَ أَنَاخُوا فِي رِيَاضِ الرَّاحَةِ وَمَعْدِنِ الْعِزِّ وَعَرَصَاتِ الْمُخَلَّدِينَ»
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عُثْمَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: " اعْتَلَّ رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِي فَكَتَبَ إِلَيَّ أَنِ ادْعُ اللَّهَ لِي فَكَتَبْتُ إِلَيْهِ: §سَأَلْتَنِي أَنْ أَدْعُوَ -[337]- اللَّهَ لَكَ أَنْ يُزِيلَ عَنْكَ الْغَمَّ وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ الْعِلَّةَ مَجْزَلَةٌ يَأْنَسُ بِهَا أَهْلُ الصَّفَا وَالْهِمَمِ وَالضِّيَاءِ فِي الْحَيَاةِ، ذِكْرُكَ لِلشِّفَاءِ وَمَنْ لَمْ يَعُدَّ الْبَلَاءَ نِعْمَةً فَلَيْسَ مِنَ الْحُكَمَاءِ، وَمَنْ لَمْ يَأْمَنِ التَّشْفِيقَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَدْ أَمِنَ أَهْلَ التُّهْمَةِ عَلَى أَمْرِهِ، فَلْيَكُنْ مَعَكَ يَا أَخِي حَيَاءٌ يَمْنَعُكَ عَنِ الشَّكْوَى، وَالسَّلَامُ "

الصفحة 336