كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الدِّينَوَرِيُّ ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الشِّمْشَاطِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي جِبَالِ أَنْطَاكِيَّةَ وَإِذَا أَنَا بِجَارِيَةٍ كَأَنَّهَا مَجْنُونُةٌ وَعَلَيْهَا جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ فَسَلَمَّتْ عَلَيْهَا فَرَدَّتِ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَتْ: أَلَسْتَ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ، قُلْتُ: عَافَاكِ اللَّهُ كَيْفَ عَرَفْتِينِي؟ قَالَتْ: فَتَقَ الْحَبِيبُ بَيْنِي وَبَيْنَ قَلْبِكَ فَعَرَفْتُكَ بِاتِّصَالِ مَعْرِفَةِ حُبِّ الْحَبِيبِ، ثُمَّ قَالَتْ: أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةً؟ قُلْتُ: سَلِينِي قَالَتْ §أَيُّ شَيْءٍ السَّخَاءُ؟ قُلْتُ: الْبَذْلُ وَالْعَطَاءُ قَالَتْ: هَذَا السَّخَاءُ فِي الدُّنْيَا فَمَا السَّخَاءُ فِي الدِّينِ؟ قُلْتُ: الْمُسَارَعَةُ إِلَى طَاعَةِ الْمَوْلَى قَالَتْ: فَإِذَا سَارَعْتَ إِلَى طَاعَةِ الْمَوْلَى تُحِبُّ مِنْهُ خَيْرًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ لِلْوَاحِدِ عَشْرَةٌ، قَالَتْ: مُرَّ يَا بَطَّالُ، هَذَا فِي الدِّينِ قَبِيحٌ وَلَكِنِ الْمُسَارَعَةُ إِلَى طَاعَةِ الْمَوْلَى أَنْ يَطَّلِعَ إِلَى قَلْبِكَ وَأَنْتَ لَا تُرِيدُ مِنْهُ شَيْئًا بِشَيْءٍ وَيْحَكَ يَا ذَا النُّونِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُقْسِمَ عَلَيْهِ فِي طَلَبِ شَهْوَةٍ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَأَسْتَحِي مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ أَكُونَ كَأَجِيرِ السُّوءِ إِذَا عَمِلَ طَلَبَ الْأَجْرَ وَلَكِنْ أَعْمَلُ تَعْظِيمًا لِهَيْبَتِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ مَرَرْتُ وَتَرَكَتْنِي

الصفحة 340