كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: وَيْحَكَ مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ عَلَى حَقِيقَةٍ نَسِيَ فِي حُبِّهِ كُلَّ شَيْءٍ، وَمَنْ نَسِيَ فِي حُبِّهِ كُلَّ شَيْءٍ حَفِظَ اللَّهُ عَلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ وَكَانَ لَهُ عِوَضًا فِي كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا الْفَيْضِ دُلَّنِي عَلَى طَرِيقِ الصِّدْقِ وَالْمَعْرِفَةِ، فَقَالَ: يَا أَخِي §أَدِّ إِلَى اللَّهِ صِدْقَ حَالَتِكَ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا عَلَى مُوَافَقَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَا تَرْقَ حَيْثُ لَمْ نَرْقَ فَتَزِلَّ قَدَمُكَ فَإِنَّهُ إِذَا زَلَّ بِكَ لَمْ تَسْقُطْ، وَإِذَا ارْتَقَيْتَ أَنْتَ تَسْقُطُ وَإِيَّاكَ أَنْ تَتْرُكَ مَا تَرَاهُ يَقِيناً لِمَا تَرْجُوهُ شَكًّا، قَالَ: وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ وَسُئِلَ: مَتَى يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولُ: أَرَانِي اللَّهُ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: إِذَا لَمْ يُطِقْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ ذُو النُّونِ: أَكْثَرُ النَّاسِ إِشَارَةً إِلَى اللَّهِ فِي الظَّاهِرِ أَبْعَدُهُمْ مِنَ اللَّهِ، وَأَرْغَبُ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَأَخْفَاهُمْ لَهَا طَلَبًا أَكْثَرُهُمْ لَهَا ذَمًّا عِنْدَ طِلَابِهَا، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُلَّتْ أَلْسِنَةُ الْمُحَقِّقِينَ لَكَ عَنِ الدَّعَاوَى وَنَطَقَتْ أَلْسِنَةُ الْمُدَّعِينَ لَكَ باِلدَّعَاوَى قَالَ: وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: لَا يَزَالُ الْعَارِفُ مَا دَامَ فِي دَارِ الدُّنْيَا مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْفَقْرِ وَالْفَخْرِ فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهَ افْتَخَرَ وَإِذَا ذَكَرَ نَفْسَهُ افْتَقَرَ، قَالَ: وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ وَسُئِلَ: بِمَ عَرَفَ الْعَارِفُونَ رَبَّهُمْ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ بِشَيْءٍ فَبِقَطْعِ الطَّمَعِ وَالْإِشْرَافِ مِنْهُمْ عَلَى الْيَأْسِ مَعَ التَّمَسُّكِ مِنْهُمْ باِلْأَحْوَالِ التَّي أَقَامَهُمْ عَلَيْهَا وَبَذَلَ الْمَجهُودَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ إِنَّهُمْ وَصَلُوا بَعْدُ إِلَى اللَّهِ بِاللَّهِ
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الرَّازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ -[354]- يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ وَذُكِرَ يَوْمًا عُلُوُّ الْمَرَاتِبِ وَقُرْبُ الْأَوْلِيَاءِ وَفَوَائِدُ الْأَصْفِيَاءِ وَأُنْسُ الْمُحِبِّينَ فَأَنْشَأَ يَقُولُ: «
[البحر الخفيف]
§وَمُحِبُّ الْإِلَهِ فِي غَيْبِ أُنْسِ ... مَلِكِ الْقَدَرِ خَادِمُ الزِّيِّ عَبْدُ
هُوَ عَبْدٌ وَرَبُّهُ خَيْرُ رَبٍّ ... مَا لِقَلْبِ الْفَتَى عَنِ اللَّهِ ضِدُّ»

الصفحة 353