كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: بَيْنَا أَنَا سَائِرٌ، بَيْنَ جِبَالِ الشَّامِ، إِذَا أَنَا بِشَيْخٍ، عَلَى تَلْعَةٍ مِنَ الْأَرْضِ قَدْ تَسَاقَطَتْ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ كِبَرًا، فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ ثُمَّ أَنْشَأَ وَهُوَ يَقُولُ بِصَوْتٍ عَلِيلٍ: " §يَا مَنْ دَعَاهُ الْمُذْنِبُونَ فَوَجَدُوهُ قَرِيبًا، وَيَا مَنْ قَصَدَ إِلَيْهِ الزَّاهِدُونَ فَوَجَدُوهُ حَبِيبًا، وَيَا مَنِ اسْتَأْنَسَ بِهِ الْمُجْتَهِدُونَ فَوَجَدُوهُ سَرِيعًا مُجِيبًا ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الكامل]
وَلَهُ خَصَائِصُ مُصْطَفَيْنَ لِحُبِّهِ ... اخْتَارَهُمْ فِي سَالِفِ الْأَزْمَانِ
اخْتَارَهُمْ مِنْ قَبْلِ فِطْرَةِ خَلْقِهِ ... فَهُمْ وَدَائِعُ حِكْمَةٍ وَبَيَانِ
ثُمَّ صَرَخَ صَرْخَةً فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: إِنَّ «§لِلَّهِ عِبَادًا فَتَّقُوا الْحُجُبَ، وَعَلَوُا النُّجُبَ حَتَّى كُشِفَ لَهُمُ الْحُجُبُ فَسَمِعُوا كَلَامَ الرَّبِّ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: إِنَّ «§لِلَّهِ عِبَادًا عَلَى الْآرَائِكِ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ إِذَا كَلَّمَ الْمُحِبِّينَ فِي الْمَشْهَدِ الْأَعْلَى، لِأَنَّهُمْ عَبَدُوهُ سِرًّا فَأَوْصَلَ إِلَى قُلُوبِهِمْ طَرَائِفَ الْبِرِّ، عَمِلُوا بِبَعْضِ مَا عَلِمُوا فَلَمَّا وَقَفُوا فِي الظَّلَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ هَدَى قُلُوبَهُمْ إِلَى مَا يَعْلَمُونَ فَحَسِرَتْ أَلْبَابُهُمْ لِمَعْرِفَةِ الْوقُوفِ بَيْنَ يَدَيْهِ»
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْوَشَّاءُ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: «§لِكُلِّ قَوْمٍ عُقُوبَةٌ وَعُقُوبَةُ الْعَارِفِ انْقِطَاعُهُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عِيسَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ سَعِيدَ بْنَ الْحَكَمِ يَقُولُ: سُئِلَ ذُو النُّونِ: " §مَنْ أَدْوَمُ النَّاسِ عَنَاءً؟ قَالَ: أَسْوَؤُهُمْ -[356]- خُلُقًا، قِيلَ: وَمَا عَلَامَةُ سُوءِ الْخُلُقِ، قَالَ: كَثْرَةُ الخِلَافِ

الصفحة 355