كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانَيُّ، قَالَ: قَرَأَ عَلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الرَّازِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: «§بِالْعُقُولِ يُجْتَنَى ثَمَرُ الْقُلُوبِ، وَبِحُسْنِ الصَّوْتِ تُسْتَمَالُ أَعِنَّةُ الْأَبْصَارِ، وَبِالتَّوْفِيقِ تُنَالُ الْحَظْوَةُ وَبِصُحْبَةِ الصَّالِحِينَ تَطِيبُ الْحَيَاةِ، وَالْخَيْرُ مَجْمُوعٌ فِي الْقَرِينِ الصَّالِحِ إِنْ نَسِيتَ ذَكَّرَكَ وَإِنْ ذَكَرْتَ أَعَانَكَ»
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: " §حَرَّمَ اللَّهُ الزِّيَادَةَ فِي الدِّينِ، وَالْإِلْهَامُ فِي الْقَلْبِ وَالْفِرَاسَةُ فِي الْخَلْقِ عَلَى ثَلَاثَةِ نَفَرٍ: عَلَى بَخِيلٍ بِدُنْيَاهُ وَسَخِيٍّ بِدِينِهِ وَسَيِّئِ الْخُلُقِ مَعَ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: بِخَيْلٌ بِالدُّنْيَا عَرَفْنَاهُ وَسَخِيٌّ بِدِينِهِ عَرَفْنَاهُ صِفْ لَنَا سَيِّئَ الْخُلُقِ مَعَ اللَّهِ. قَالَ: يَقْضِي اللَّهُ قَضَاءً وَيُمْضِي قَدَرًا وَيُنْفِذُ عِلْمًا وَيَخْتَارُ لِخَلْقِهِ أَمْرًا فَتَرَى صَاحِبَ سُوءِ الْخُلُقِ مَعَ اللَّهِ مُضْطَرِبًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ غَيْرَ رَاضٍ بِهِ دَائِمًا شَكْوَاهُ مِنَ اللَّهِ إِلَى خَلْقِهِ فَمَا ظَنُّكَ "
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: قُلْتُ لِذِي النُّونِ: " §دُلَّنِي عَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي يُؤَدِّينِي إِلَيْهِ مِنْ ذِكْرِهِ. فَقَالَ: مَنْ أَنِسَ بِالْخَلْوَةِ فَقَدِ اسْتَمْكَنَ مِنْ بِسَاطِ الْفَرَاغِ، وَمَنْ غُيِّبَ عَنْ مُلَاحَظَةِ نَفْسِهِ فَقَدِ اسْتَمْكَنَ مِنْ مَقَاعِدِ الْإِخْلَاصِ، وَمَنْ كَانَ حَظَّهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ هَوَاهُ لَمْ يُبَالِ مَا فَاتَهُ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ، ثُمَّ قَالَ: الْمُتَّضِحُ يُبْدِي غَيْرَ الَّذِي هُوَ بِهِ، وَالصَّادِقُ لَا يُبَالِي عَلَى أَيِّ جِنْبٍ وَقَعَ "
قَالَ: وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: «§الْعَارِفُ مُتَلَوِّثُ الظَّاهِرِ صَافِي الْبَاطِنِ، وَالزَّاهِدُ صَافِي الظَّاهِرِ مُتَلَوِّثُ الْبَاطِنِ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: «§إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا آمَنَ بِاللَّهِ وَاسْتَحْكَمَ إِيمَانُهُ خَافَ اللَّهَ، فَإِذَا خَافَ اللَّهَ تَوَلَّدَتْ مِنَ الْخَوْفِ هَيْبَةُ اللَّهِ، فَإِذَا سَكَنَ دَرَجَةَ الْهَيْبَةِ دَامَتْ طَاعَتُهُ لِرَبِّهِ، فَإِذَا أَطَاعَ تَوَلَّدَتْ مِنَ الطَّاعَةِ الرَّجَاءُ فَإِذَا سَكَنَ دَرَجَةَ الرَّجَاءِ تَوَلَّدَتْ مِنَ الرَّجَاءِ الْمَحَبَّةُ، فَإِذَا اسْتَحْكَمَتْ مَعَانِي الْمَحَبَّةِ فِي قَلْبِهِ سَكَنَ بَعْدَهَا دَرَجَةَ الشَّوْقِ، فَإِذَا -[360]- اشْتَاقَ أَدَّاهُ الشَّوْقُ إِلَى الْأُنْسِ بِاللَّهِ، فَإِذَا أَنِسَ بِاللَّهِ اطْمَأَنَّ إِلَى اللَّهِ فَإِذَا اطْمَأَنَّ إِلَى اللَّهِ كَانَ لَيْلُهُ فِي نَعِيمٍ وَنَهَارُهُ فِي نَعِيمٍ، وَسِرُّهُ فِي نَعِيمٍ وَعَلَانِيَّتُهُ فِي نَعِيمٍ»

الصفحة 359