كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِسْرَافِيلَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: «
[البحر الطويل]
§أَمُوتُ وَمَا مَاتَتْ إِلَيْكَ صَبَابَتِي ... وَلَا رَوَيْتُ مِنْ صَرْفِ حُبِّكَ أَوْطَارِي»
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِسْرَافِيلَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَجُلًا، يَسْأَلُ ذَا النُّونِ: مَتَى تَصِحُّ عُزْلَةُ الْخَلْقِ؟ فَقَالَ: «§إِذَا قَوِيتَ عَلَى عُزْلَةِ النَّفْسِ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْمَكِّيُّ الصُّوفِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ لَنَا ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ: " §رَأَيْتُ فِيَ التِّيهِ أَسْوَدَ كُلَّمَا ذُكِرَ اللَّهُ ابْيَضَّ لَوْنُهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا هَذَا إِنَّهُ لَيَبْدُو عَلَيْكَ حَالٌ يُغَيِّرُكَ، فَقَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي يَا ذَا النُّونِ فَإِنَّهُ لَوْ بَدَا عَلَيْكَ مَا يَبْدُو عَلَيَّ لَجُلْتَ كَمَا أَجُولُ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
ذَكَرْنَا وَمَا كُنَّا نَسِينَا فَنَذْكُرُ ... وَلَكِنْ نَسِيمُ الْقُرْبِ يَبْدُو فَيُبْهِرُ
فَأَحْبَابُهُ طَوْرًا وَأَغْدَى بِهِ لَهُ ... إِذَا الْحَقُّ عَنْهُ مُخْبِرٌ وَمُغْبِرُ "
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِسْرَافِيلَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: " §نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَدِ اسْتَفْرَغَهُ الْوَلَهُ فَقُلْتُ لَهُ: مَا الَّذِي أَثَارَ مِنْكَ مَا أَرَى "، قَالَ: ذَهَبَ الزُّهَّادُ وَالْعُبَّادُ بِصَفْوِ الْإِخْلَاصِ وَبَقِيتُ فِي كَدَرِ الِانْتِقَاصِ فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ مُرْشِدٍ أَوْ حَكِيمٍ مُوقِظٍ؟ قَالَ: وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: " وَقَدْ مَرَّ بِهِ قَوْمٌ عَلَى الدَّوَابِّ وَأَنَا جَالِسٌ مَعَهُ فَقَالَ: هَلْ تَرَى كَنِيفًا عَلَى كَنِيفٍ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عُثْمَانَ الْخَيَّاطَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا الْفَيْضِ رَحِمَكَ اللَّهُ، مَنْ أَرَادَ التَّوَاضُعَ كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَيْهِ؟ فَقَالَ لَهُ: " افْهَمْ مَا أُلْقِيَ إِلَيْكَ §مَنْ أَرَادَ إِلَى سُلْطَانِ اللَّهِ ذَهَبَ سُلْطَانُ نَفْسِهِ لِأَنَّ النُّفُوسَ كُلَّهَا -[369]- حَقِيرَةٌ عِنْدَ هَيْبَتِهِ وَمِنْ أَشْرَفِ التَّوَاضُعِ أَنْ لَا يَنْظُرَ إِلَى نَفْسِهِ دُونَ اللَّهِ، وَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ» يَقُولُ: مَنْ تَذَلَّلَ بِالْمَسْكَنَةِ وَالْفَقْرِ إِلَى اللَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ بِعِزِّ الِانْقِطَاعِ إِلَيْهِ "

الصفحة 368