كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ يُوسُفَ الشِّكْلِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: «
[البحر الكامل]
§مَنَعَ الْقُرَانُ بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ ... مُقَلَ الْعُيونِ بِلَيْلِهَا أَنْ تَهْجَعَ
فَهِمُوا عَنِ الْمَلِكِ الْكَرِيمِ كَلَامَهُ ... فَهْمًا تَذِلُّ لَهُ الرِّقَابُ وَتَخْضَعُ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ إِسْرَافِيلَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: «§يَا رَبِّ أَنْتَ الَّذِي دَخَلَ فِي رَحْمَتِكَ كُلُّ شَيْءٍ فَلَمْ تَضِقْ إِلَّا عَمَّنِ ارْتَجَلَهُ الشَّكُّ إِلَى جَحْدِكَ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: وَقَدْ وَقَفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ ذُو النُّونِ: «إِنَّ §الْمُتَكَفِّلَ بِرِزْقِكَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَيْكَ»
قَالَ: " وَكُنْتُ مَعَ ذِي النُّونِ فِي سَفِينَةٍ وَأَجِدُ فِي فَمِي بِلَّةً فَبَزَقْتُهَا فِي الْمَاءِ، فَقَالَ: «§تَعِسْتَ يَا بَغِيضُ، تَبْزُقُ عَلَى نِعْمَةِ اللَّهِ»
قَالَ: وَأَنْشَدَنِي ذُو النُّونِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «
[البحر الطويل]
§مَجَالُ قُلُوبِ الْعَارِفِينَ بِرَوْضَةٍ ... سَمَاوِيَّةٍ مِنْ دُونِهَا حُجُبُ الرَّبِّ
تَكَنَّفَهَا مِنْ عَالِمِ السِّرِّ قُرْبُهُ ... فَلَوْ قَدَّرَ الْآجَالَ ذَابَتْ مِنَ الْحَبِّ
وَأَرْوَى صَدَاهَا كَأْسَ صَرْفٍ بِحُبِّهِ ... وَبَرْدَ نَسِيمٍ جَلَّ عَنْ مُنْتَهَى الْخَطْبِ
فَيَا لِقُلُوبٍ قُرِّبَتْ فَتَقَرَّبَتْ ... لِذِي الْعَرْشِ مِمَّا زَيَّنَ الْمُلْكَ بِالْقُرْبِ
رَضِيَهَا فَأَرْضَاهَا فَحَازَتْ مَدَى الرِّضَى ... وَحَلَّتْ مِنَ الْمَحْبُوبِ بِالْمَنْزِلِ الرَّحْبِ
لَهَا مِنْ لَطِيفِ الْعَزْمِ عَزْمٌ سَرَتْ بِهِ ... وَتَهَتَّكَ بِالْأَفْكَارِ مَا دَاخِلَ الْحُجُبِ
سَرَى سِرُّهَا بَيْنَ الْحَبِيبِ وَبَيْنَهَا ... فَأَضْحَى مَصُونًا عَنْ سِوَى الْقُرْبِ فِي الْقُلُوبِ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: «§اجْلِسْ إِلَى مَنْ تُكَلِّمُكَ صِفَتُهُ وَلَا تَجْلِسْ إِلَى مَنْ يُكَلِّمُكَ لِسَانُهُ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الدِّينَوَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الشِّمْشَاطِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ " إِنَّ §لِلَّهِ عِبَادًا عَامَلُوهُ بِالتَّصْدِيقِ فَقَدْ يَسْلَمُونَ مِنْ طَرِيقٍ دَقِيقٍ، وَيُفْتَحُ لَهُمْ حِجَابُ الْمَضِيقِ، وَيُسَامِحُهُمُ الشَّفِيقُ الرَّفِيقُ، جَعَلُوا الصِّيَامَ غِذَاءً -[370]- لَمَّا سَمِعُوهُ يَقُولُ: {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} [الرحمن: 52] فَهُمْ غَدًا يَسْكُنُونَ مَعَ الْحُورِ فِي الشُّرُفَاتِ، وَيَأْكُلُونَ مِمَّا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ مَعَ الْقَاصِرَاتِ، وَقَدْ أَتَاهُمْ جِبْرِيلُ بِالزِّيَادَةِ مِنْ صَاحِبِ السَّمَاوَاتِ، فَمَنْ مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ وَقَدْ كَشَفَ لَهُمُ الْحِجَابَ عَالِمُ السِّرِّ وَالْخَفِيَّاتِ، وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ صَاحِبُ الْبِرِّ وَالْكَرَامَاتِ "

الصفحة 369