كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصَّيْدَلَانِيُّ، حَدَّثَنِي جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى ذِي النُّونِ يَسْأَلُهُ عَنْ حَالِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ذُو النُّونِ: «§مَا لِي حَالٌ أَرْضَاهَا وَلَا لِي حَالٌ لَا أَرْضَاهَا، كَيْفَ أَرْضَى حَالِي لِنَفْسِي إِذْ لَا يَكُونُ مِنِّي إِلَّا مَا أَرَادَ مِنَ الْأَحْوَالِ، وَلَسْتُ أَدْرِي أَيًّا أَحْسَنُ؟ حَالِي فِي حُسْنِ إِحْسَانِهِ إِلَيَّ أَمْ حُسْنُ حَالِي فِي سُوءِ حَالِي إِذْ كَانَ هُوَ الْمُخْتَارُ لِي غَيْرَ أَنِّي فِي عَافِيَةٍ مَا دُمْتُ فِي الْعَافِيَةِ الَّتِي أَظُنُّ أَنَّهَا عَافِيَةٌ إِلَّا أَنِّي أَجِدُ طَعْمَ مَا عِنْدَهُ لِلَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ مَرَارَةِ الْقَدِيمِ، وَمَا حَاجَتِي إِلَى أَنْ أَعْلَمَ مَا هُوَ إِذَا كَانَ هُوَ قَدْ عَلِمَ مَا هُوَ كَائِنٌ، وَهُوَ الْمُكَوِّنُ لِلْأَشْيَاءِ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ لِي»
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: " §مَنْ وُجِدَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ رَجَوْتُ لَهُ السَّعَادَةَ وَلَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ قِيلَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: سُوءُ الْخُلُقِ عَنْهُ وَخِفَّةُ الرُّوحِ، وَغَزَارَةُ الْعَقْلِ وَصَفَاءُ التَّوْحِيدِ وَطِيبِ الْمَوْلِدِ "
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّازِيُّ بِنَيْسَابُورَ، قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: قُلْتُ لِذِي النُّونِ لَمَّا أَرَدْتُ تَوْدِيعَهُ: أَوْصِنِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ بِوَصِيَّةٍ أَحْفَظُهَا عَنْكَ. فَقَالَ: «§لَا تَكُنْ خَصْمًا لِنَفْسِكَ عَلَى رَبِّكَ مُسْتَزِيدَهُ فِي رِزْقِكَ وَجَاهِكَ، وَلَكِنْ خَصْمًا لِرَبِّكَ عَلَى نَفْسِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَكَ وَعَلَيْكَ، وَلَا تَلْقَيَنَّ أَحَدًا بِعَيْنِ الِازْدِرَاءِ وَالتَّصْغِيرِ، وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا خَوْفًا مِنْ -[383]- عَاقِبَتِكَ وَعَاقِبَتِهِ فَلَعَلَّكَ تُسْلَبُ الْمَعْرِفَةَ وَيُرْزَقُهَا»

الصفحة 382