كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ،: قَالَ ذُو النُّونِ: «
[البحر الخفيف]
§لَذَّ قَوْمٌ فَأَسْرَفُوا ... وَرِجَالٌ تَقَشَّفُوا
جَعَلُوا إِلَهَهُمْ وَاحِدًا ... وَمَضَوْا مَا تَخَلَّفُوا
طَالِبِينَ جَنَّةً ... آثَرَوُهَا فَأُسْعِفُوا»
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: «إِلَهِي §الشَّيْطَانُ لَكَ عَدُوٌّ وَلَنَا عَدُوٌّ، وَلَنْ تَغِيظَهُ بِشَيْءٍ أَنْكَأَ لَهُ مِنْ عَفْوِكَ عَنَّا فَاعْفُ عَنَّا»
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، ثنا يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: قَالَ ذُو النُّونِ «§مَا هَلَكَ مَنْ هَلَكَ إِلَّا بِطَلَبِ أَمْرٍ قَدْ أَخْفَاهُ أَوْ إِنْكَارِ أَمْرٍ قَدْ أَبْدَاهُ»
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، ثنا يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: قَالَ ذُو النُّونِ: " دَخَلْتُ عَلَى بَعْضِ مُتَعَبِدِّي الْعَرَبِ، فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: §أَصْبَحْتُ فِي بَحَابِحَ نِعَمِهِ أَجُولُ، وَبِلِسَانِ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ أَقُولُ، نَعْمَاؤُهُ عَلَيَّ بَاطِنَةٌ وَظَاهِرَةٌ، وَغُصُونُ رِيَاضِ مَوَاهِبِهِ عَلَيَّ مُشْرِقَةٌ زَاهِرَةٌ "
قَالَ: وَقَالَ ذُو النُّونِ: " دَخَلْتُ عَلَى مُتَعَبِّدَةٍ، فَقُلْتُ لَهَا: كَيْفَ أَصْبَحْتِ؟ فَقَالَتْ: §أَصْبَحْتُ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى وَقَارٍ مُبَادَرَةً فِي أَخْذِ الْجِهَازِ، مَتَأَهِّبَةً لِهَوْلِ يَوْمِ الْجَوَازِ لَهُ عَلَيَّ نِعَمٌ أَعْتَرِفُ بِتَقْصِيرِي عَنْ شُكْرِها، وَأَتَّصِلُ عَنْ ضَعْفِي عَنْ إِحْصَائِهَا وَذِكْرِهَا، فَقَدْ غَفَلَتِ الْقُلُوبُ عَنْهُ، وَهُوَ مُنْشِيهَا، وَأَدْبَرَتِ النُّفُوسُ عَنْهُ وَهُوَ يُنَادِيهَا فَسُبْحَانَهُ مَا أَمْهَلَهُ فَلَا نَامَ مَعَ تَوَاتُرِ الْأَيَادِي وَالْإِنْعَامِ "
قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «§أَنْتَ مَلِكٌ مُقْتَدِرٌ، وَأَنَا عَبْدٌ مُفْتَقِرٌ، أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ تَذَلُّلًا فَأَعْطِنِيهِ تَفَضُّلًا»
قَالَ وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: " §مِنَ المُحَالِ أَنْ يَحْسُنَ مِنْكَ الظَنُّ وَلَا يَحْسُنَ مِنْهُ المَنُّ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَيْفَ أَفْرَحُ بِعَمَلِي وَذُنُوبِي مُزْدَحِمَةٌ، أَمْ كَيْفَ أَفْرَحُ بِأَمَلِي وَعَاقِبَتِي مُبْهَمَةٌ "
قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «§الْكَيِّسُ مَنْ بَادَرَ بِعَمَلِهِ وَسَوَّفَ بِأَمَلِهِ وَاسْتَعَدَّ لِأَجَلِهِ»

الصفحة 384