كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِسْرَافِيلَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ يَقُولُ: «
[البحر الطويل]
§أَمُوتُ وَمَا مَاتَتْ إِلَيْكَ صَبَابَتِي ... وَلَا رَوَيْتُ مِنْ صِدْقِ حُبِّكَ أَوْطَارِي
مُنَادِي الْمُنَا كُلَّ الْمُنَا أَنْتَ لِي مُنًى ... وَأَنْتَ الْغَنِيُّ كُلَّ الْغِنَى عِنْدَ إِقْصَارِي
وَأَنْتَ مَدَى سُؤْلِي وَغَايَةُ رَغْبَتِي ... وَمَوْضِعُ شَكْوَايَ وَمَكْنُونُ إِضْمَارِي
تَحَمَّلَ قَلْبِي فِيكَ مَا لَا أَبُثُّهُ ... وَإِنْ طَالَ سَقَمِي فِيكَ أَوْ طَالَ إِضْرَارِي
وَبَيْنَ ضُلُوعِي مِنْكَ مَا لَوْلَاكَ قَدْ بَدَا ... وَلَمْ يَبْدُ بَادِيَةٌ لِأَهْلِي وَلَا جَارِي
وَبِي مِنْكَ فِي الْأَحْشَاءِ دَاءٌ مُخَامِرٌ ... فَقَدْ هَدَّ مِنِّي الرُّكْنَ وَأَثْبَتُّ أَسْرَارِي
أَلَسْتَ دَلِيلَ الرَّكْبِ إِنْ هُمْ تَحَيَّرُوا ... وَمُنْقِذَ مَنْ أَشْفَى عَلَى جُرُفٍ هَارِي
أَنَرْتَ الْهُدَى لِلْمُهْتَدِينَ وَلَمْ يَكُنْ ... مِنَ النُّورِ فِي أَيْدِيهِمْ عُشْرُ مِعْشَارِي
فَنَلْنِي بِعَفْوٍ مِنْكَ أَحْيَى بِقُرْبِهِ ... وَاغْشَ بِيُسْرٍ مِنْكَ فَقْرِي وَإِعْسَارِي»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، يَقُولُ: قَالَ لِي إِسْرَافِيلُ: أَنْشَدَنِي ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ: «
[البحر الطويل]
-[391]-
§مَجَالُ قُلُوبِ الْعَارِفِينَ بِرَوْضَةٍ ... سَمَاوِيَّةٍ مِنْ دُونِهَا حُجُبِ الرَّبِ
مُعَسْكَرُهَا فِيهَا مَجْنَى ثِمَارِهَا ... تَنَسَّمُ رُوحُ الْأُنْسِ لِلَّهِ مِنْ قُرْبِ
يَكْنِفُهَا مِنْ عَالِمِ السِّرِّ قُرْبُهُ ... فَلَوْ قَدَّرَ الْآجَالَ ذَابَتْ مِنَ الْحَبِّ
وَأَرْوَى صَدَاهَا صَرْفُ كَاسَاتِ حُبِّهِ ... وَبَرْدُ نَسِيمٍ جَلَّ عَنْ مُنْتَهَى الْخَطْبِ
فَيَا لِقُلُوبٍ قُرِّبَتْ فَتَقَرَّبَتْ ... لِذِي الْعَرْشِ مِمَّنْ زَيَّنَ الْمُلْكَ بِالْقُرْبِ
رَضَاهَا فَأَرْضَاهَا فَحَازَتْ مَدَى الرِّضَى ... وَحَلَّتْ مِنَ الْمَحْبُوبِ بِالْمَنْزِلِ الرَّحْبِ
لَهَا مِنْ لَطِيفِ الْحُبِّ عَزْمٌ سَرَتْ بِهِ ... وَيُهْتَكُ بِالْأَفْكَارِ مَا دَاخِلَ الْحُجُبِ
فَإِنْ فَقَدَتْ خَوْفَ الْفِرَاقِ لِإِلْفِهَا ... أَدَامَتْ حَنِينًا تَطْلُبُ الْأُنْسَ بِالْقُرْبِ
سَرَى سِرُّهَا بَيْنَ الْحَبِيبِ وَبَيْنَهَا ... فَأَضْحَى مَصُونًا مِنْ سِوَى الرَّبِّ فِي الْقَلْبِ»

الصفحة 390