كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَصْقَلَةَ، ثنا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: «§الْمُسْتَأْنِسُ بِاللَّهِ فِي وَقْتِ اسْتِئْنَاسِهِ يَسْتَأْنِسُ بِجَمِيعِ مَا يَرَى وَيَسْمَعُ وَيُحِسُّ بِهِ فِي مَلَكُوتِ رَبِّهِ، وَالْمُهِيبُ لَهُ يَهَابُ جَمِيعَ مَا يَرَى وَيَسْمَعُ وَيُحِسُّ بِهِ فِي مُلْكِ رَبِّهِ وَيَسْتَأْنِسُ بِالذَّرِّ فَمَا دُونَهُ وَيَهَابُهُ»
قَالَ: وَقَالَ ذُو النُّونِ: " §ثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الْإِسْلَامِ: النَّظَرُ لِأَهْلِ الْمِلَّةِ، وَكَفُّ الْأَذَى عَنْهُمْ، وَالْعَفْوُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ لِمُسِيئِهِمْ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الْإِيمَانِ: إِسْبَاغُ الطَّهَارَاتِ فِي الْمَكَارِهِ، وَارْتِعَاشُ الْقَلْبِ عِنْدَ الْفَرَائِضِ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا، وَالتَّوْبَةُ عِنْدَ كُلِّ ذَنْبٍ خَوْفًا مِنَ الْإِصْرَارِ. وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ التَّوْفِيقِ: الْوقُوعُ فِي الْأَعْمَالِ بِلَا اسْتِعْدَادٍ لَهُ، وَالسَّلَامَةُ مِنَ الذَّنْبِ مَعَ الْمَيْلِ وَقِلَّةِ الْهَرَبِ مِنْهُ، وَاسْتِخْرَاجُ الدُّعَاءِ وَالِابْتِهَالِ. وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الْخُمُولِ: تَرْكُ الْكَلَامِ لِمَنْ يَكْفِيهِ الْكَلَامُ، وَتَرْكُ الْحِرْصِ فِي إِظْهَارِ الْعِلْمِ عِنْدَ الْقُرَنَاءِ، وَوِجْدَانُ الْأَلَمِ لِكَرَاهَةِ الْكَلَامِ عِنْدَ الْمُحَاوَرَةِ وَالْمَوْعِظَةِ. وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الْحِلْمِ: قِلَّةُ الْغَضَبِ عِنْدَ مُخَالَفَةِ الرَّأْيِ، وَالِاحْتِمَالُ عَنِ الْوَرَى إِخْبَاتًا لِلرَّبِّ، وَنِسْيَانُ إِسَاءَةِ الْمُسِيءِ عَفْوًا عَنْهُ وَاتِّسَاعًا عَلَيْهِ. وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ التَّقْوَى: تَرْكُ الشَّهْوَةِ المَذْمُومَةِ مَعَ الِاسْتِمْكَانِ مِنْهَا، وَالْوَفَاءُ بِالصَّالِحَاتِ مَعَ نُفُورِ النَّفْسِ مِنْهَا، وَرَدُّ الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا مَعَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا. وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الِاتِّعَاظِ بِاللَّهِ: الْهَرَبُ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَسُؤَالُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ، وَالدَّلَالُ فِي كُلِّ وَقْتٍ عَلَيْهِ. وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الرَّجَاءِ: الْعِبَادَةُ بِحَلَاوَةِ الْقَلْبِ، وَالْإِنْفَاقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِرُؤِيَةِ الثَّوَابِ، وَالْمُثَابَرَةُ عَلَى فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ بِخَالِصِ التَّنَافُسِ. وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الْحُبِّ فِي اللَّهِ -[394]-: بَذْلُ الشَّيْءِ لِصَفَاءِ الْوُدِّ، وَتَعْطِيلُ الْإِرَادَةِ لِإِرَادَةِ اللَّهِ، وَالسَّخَاءُ بِالنَّفْسِ وَالْمُشَارَكَةُ فِي مَحْبُوبِهِ وَمَكْرُوهِهِ بِصِفَةِ العَقْدِ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الْحَيَاءِ: وَزْنُ الْكَلَامِ قَبْلَ التَّفَوُّهِ بِهِ، وَمُجَانَبَةُ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الِاعْتِذَارِ مِنْهُ، وَتَرْكُ إِجَابَةِ السَّفِيهِ حِلْمًا عَنْهُ. فَأَمَّا الْحَيَاءُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مَا قَالَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَنْ لَا تَنْسَى الْمَقَابِرَ وَالْبِلَا، وَأَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا حَوَى، وَأَنْ تَتْرُكَ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الْأَفْضَالِ: صِلَةُ الْقَاطِعِ، وَإِعْطَاءُ الْمَانِعِ، وَالْعَفْوُ عَنِ الظَّالِمِ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الصِّدْقِ: مُلَازَمَةُ الصَّادِقِينَ، وَالسُّكُونُ عِنْدَ نَظَرِ الْمَنْفُوسِينَ، وَوِجْدَانُ الْكَرَاهَةِ لِاطِّلَاعِ الْخَلْقِ عَلَى السَّرَائِرِ اسْتِقَامَةً عَلَى الْحَقِّ سِرًّا وَجَهْرًا، لِإِيثَارِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الِانْقِطَاعِ إِلَى اللَّهِ تَقْدِيمُ الْعِلْمِ، وَتَلْقِينُ الْحِكَمِ، وَتَأْلِيلُ الْفَهْمِ. وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الْمُرُوءَةِ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَنَشْرُ الْحُسْنِ. وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ التَّوَدُّدِ: التَّأَنِّي فِي الْأَحْدَاثِ، وَالتَّوَقُّرُ فِي الزَّلَالِ، وَالتَّرَفُّقُ فِي الْمَقَالِ. وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْمَالِ الرُّشْدِ: حُسْنُ الْمُجَاوَرَةِ، وَالنُّصْحُ عِنْدَ الْمُشَاوَرَةِ، وَالْبِرُّ فِي الْمُجَاوَرَةِ. وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ السَّعَادَةِ: الْفِقْهُ فِي الدِّينِ، وَالتَّيْسِيرُ لِلْعَمَلِ، وَالْإِخْلَاصُ فِي السَّعْيِ "

الصفحة 393