كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّسَائِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلْمٍ الْإِسْفَرَايِنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ إِمْلَاءً قَالَ: سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ، يَقُولُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: كُنْتُ يَتِيمًا مَعَ أُمِّي، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا مَا تُعْطِي الْمُعَلِّمَ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَمُنَاظَرَتَهُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَزَادَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَتَقِيسُ عَلَى مُبَاحٍ بِمُحْرِمٍ؟ هَذَا حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا مُبَاحٌ لَهُ. قَالَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِالسَّفِينَةِ؟ قُلْتُ: آمُرُهُ أَنْ يَقْرَبَ إِلَى أَقْرَبِ الْمَرَاسِي إِلَيْهِ مَرْسًى لَا يَهْلِكُ فِيهِ وَلَا أَصْحَابُهُ، فَأَنْزِعَ اللَّوْحَ، وَأَدْفَعُهُ إِلَى أَصْحَابِهِ، وَأَقُولُ لَهُ: أَصْلِحْ سَفِينَتَكَ، وَاذْهَبْ. قَالَ: أَلَيْسَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فَقُلْتُ: مَنْ ضَارَّهُ، هُوَ ضَارَّ نَفْسَهُ. وَقُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً فَأَوْلَدَهَا عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ، كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَخَطَبَ عَلَى الْمَنَابِرِ وَقَضَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ أَثْبَتَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ بِشَاهِدَيْنِ عِدْلَيْنِ أَنَّ هَذَا غَصَبَهُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَأَوْلَدَهَا هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادَ بِمَ كُنْتَ تَحْكُمُ؟ قَالَ: أَحْكُمُ بِأَوْلَادِهِ أَرِقَّاءَ لِصَاحِبِ الْجَارِيَةِ وَأَرُدُّ الْجَارِيَةَ عَلَيْهِ قَالَ: فَقُلْتُ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ أَيُّهُمَا أَعْظَمُ ضَرَرًا إِنْ رَدَدْتَ أَوْلَادَهُ رَقِيقًا، أَوْ إِنْ قَلَعْتَ السَّاجَةَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثَنَا أَبُو بِشْرٍ أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ الدُّولَابِيُّ، فِي طَرِيقِ مِصْرَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِدْرِيسَ وَرَّاقُ الْحُمَيْدِيِّ , قَالَ: سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ، يَقُولُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " §وَلِيتُ نَجْرَانَ وَبِهَا بَنُو الْحَارِثِ، وَمَوَالِي ثَقِيفٍ، فَجَمَعْتُهُمْ فَقُلْتُ: اخْتَارُوا سَبْعَةَ نَفَرٍ مِنْكُمْ فَمَنْ عَدَّلُوهُ كَانَ عَدْلًا، وَمَنْ جَرَحُوهُ كَانَ مَجْرُوحًا، فَجَمَعُوا لِي سَبْعَةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ، فَجَلَسْتُ لِلْحُكِمِ، فَقُلْتُ لِلْخُصُومِ: تَقَدَّمُوا فَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ عِنْدِي الْتَفَتُّ إِلَى السَّبْعَةِ فَإِنْ عَدَّلُوهُ كَانَ عَدْلًا، وَإِنْ جَرَحُوهُ قُلْتُ: زِدْنِي شُهُودًا فَلَمَّا أَثْبَتُّ -[77]- عَلَى ذَلِكَ، وَجَعَلْتُ أُسَجِّلُ وَأَحْكُمُ، فَنَظَرُوا إِلَى حُكْمِ جَارٍ فَقَالُوا: إِنَّ هَذِهِ الضِّيَاعَ وَالْأمْوَالَ الَّتِي يَحْكُمُ عَلَيْنَا فِيهَا لَيْسَتْ لَنَا إِنَّمَا هِيَ لِلْمَنْصُورِ بْنِ الْمَهْدِيِّ فِي أَيْدِينَا. فَقُلْتُ لِلْكَاتِبِ اكْتُبْ. وَأَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَنَّ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ حُكْمِي فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ هَذِهِ الضَّيْعَةَ أَوِ الْمَالَ الَّذِي حَكَمْتُ عَلَيْهِ فِيهِ لَيْسَتْ لَهُ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلْمَنْصُورِ بْنِ الْمَهْدِيِّ فِي يَدِهِ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمَهْدِيِّ عَلَى حُجَّتِهِ شَيْءٌ قَائِمٌ، فَخَرَجُوا إِلَى مَكَّةَ فَلَمْ يَزَالُوا يَعْمَلُونَ فِيَّ حَتَّى دُفِعْتُ إِلَى الْعِرَاقِ فَقِيلَ لِي: انْزِلِ الْبَابَ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَا بُدَّ لِي مِنَ الِاخْتِلَافِ إِلَى بَعْضِ أُولَئِكَ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ جَيِّدَ الْمَنْزِلَةِ، فَكَتَبْتُ كُتُبَهُ، وَعَرَفْتُ قَوْلَهُمْ فَكَانَ إِذَا قَامَ نَاظَرْتُ أَصْحَابَهُ "

الصفحة 76