كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 9)

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ زِيَادٍ، يُنْبِئُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: «§هَذَا الَّذِي تَرَوْنَ كُلَّهُ أَوْ عَامَّتَهُ مِنَ الشَّافِعِيِّ، وَمَا بِتُّ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً إِلَّا وَأَنَا أَدْعُو لِلشَّافِعِيِّ»
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ مُجَاهِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ اللَّيْثِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: «§مَا صَلَّيْتُ صَلَاةً مُنْذُ كَذَا سَنَةٍ إِلَّا وَأَنَا أَدْعُو لِلشَّافِعِيِّ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ الْخُوَارَزْمِيُّ - نَزِيلُ مَكَّةَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ - ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّينَوَرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: «§كَانَتْ أَنْفُسُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِي أَيْدِي أَبِي حَنِيفَةَ مَا تَبْرَحُ، حَتَّى رَأَيْنَا الشَّافِعِيَّ، وَكَانَ أَفْقَهَ النَّاسِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَفِي سُنَّةِ رَسُولِهِ مَا كَانَ يَكْفِيهِ قَلِيلُ الطَّلَبِ فِي الْحَدِيثِ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ ذِئْبًا يَقُولُ: كُنْتُ مَعَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فَمَرَّ حُسَيْنُ يَعْنِي الْكَرَابِيسِيَّ فَقَالَ: هَذَا - يَعْنِي الشَّافِعِيَّ - رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ لِأَنَّهُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ جِئْتُ إِلَى حُسَيْنٍ فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي الشَّافِعِيِّ؟ فَقَالَ: «§مَا أَقُولُ فِي رَجُلٍ أَسْدَى إِلَى أَفْوَاهِ النَّاسِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالِاتِّفَاقَ. مَا كُنَّا نَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ نَحْنُ وَلَا الْأَوَّلُونَ حَتَّى سَمِعْتُ مِنَ الشَّافِعِيِّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ»
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْفَضْلِ الْبَزَّازُ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَجَجْتُ مَعَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَنَزَلَتُ مَعَهُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ - أَوْ فِي دَارٍ بِمَكَّةَ - وَخَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بَاكِرًا، وَخَرَجْتُ أَنَا بَعْدَهُ، فَلَمَّا صَلَّيْتُ الصُّبْحَ دُرْتُ فِي الْمَسْجِدِ، فَجِئْتُ إِلَى مَجْلِسِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَكُنْتُ أَدُورُ مَجْلِسًا مَجْلِسًا طَلَبًا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَتَّى وَجَدْتُهُ عِنْدَ شَابٍّ أَعْرَابِيٍّ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ مَصْبُوغَةٌ وَعَلَى رَأْسِهِ جُمَّةٌ فَرَاحِمِيَّةٌ، حَتَّى قَعَدْتُ عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ -[99]- فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ تَرَكْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ وَعِنْدَهُ الزُّهْرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَزِيَادَ بْنَ عِلَاقَةَ، وَمِنَ التَّابِعِينَ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ قَالَ: «اسْكُتْ فَإِنْ فَاتَكَ حَدِيثٌ بِعُلُوٍّ تَجِدُهُ بِنُزُولٍ، وَلَا يَضُرُّكَ فِي دِينِكَ، وَلَا فِي عَقْلَكَ، وَلَا فِي فَهْمِكَ، وَإِنْ فَاتِكَ عَقْلُ هَذَا الْفَتَى أَخَافُ أَنْ لَا تَجِدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، §مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْفَتَى الْقُرَشِيِّ». قُلْتُ: مَنْ هَذَا. قَالَ: «مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ»

الصفحة 98