كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 9)
روي أنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلّم قال «لا يركبنّ البحر إلّا حاجّ أو معتمر أو مجاهد في سبيل الله، فإنّ تحت البحر نارا وتحت النار بحرا، وتحت البحر نارا [101] «1» .
وقال صلّى الله عليه وسلّم «البحر نار في نار»
[102] «2» ،
وروى سعيد بن المسيب أنّ عليا كرم الله وجهه قال لرجل من اليهود: أين جهنم؟ فقال: البحر. فقال: ما أراه إلّا صادقا ثم قرأ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وَإِذَا الْبِحارُ سُجِرَتْ مخفّفة.
وتفسير هذه الأخبار ما
روي في الحديث: «إنّ الله تعالى يجعل يوم القيامة البحار كلّها نارا فيسجر بها نار جهنم» [103] «3» .
وقال قتادة: المسجور: المملوء. ابن كيسان: المجموع ماؤه بضعه إلى بعض، ومنه قول لبيد:
فتوسّطا عرض السرى وصدّعا ... مسجورة متجاور أقلامها «4»
وقال النمر بن تولب:
إذا شاء طالع مسجورة ... ترى حولها النبع والسماسما
وقال أبو العالية: هو اليابس الذي قد ذهب ماؤه ونضب، وفي رواية عطية وذي الرمّة الشاعر: أخبرنيه أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسن الدينوري. قال: حدّثنا عبيد الله بن أبي سمرة، قال: حدّثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث، قال: حدّثنا السدوسي أبو جعفر، قال: حدّثنا الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء عن ذي الرمّة عن ابن عباس وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ الفارغ. قال: خرجت أمة تسقي فرجعت فقالت: إنّ الحوض مسجور. تعني فارغا.
قال ابن أبي داود: ليس لذي الرمّة حديث غير هذا.
وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: المسجور: المحبوس، وقال الربيع بن أنس: المختلط العذب بالملح.
وأخبرني ابن فنجويه، قال: حدّثنا مخلد بن جعفر، قال: حدّثنا الحسن بن علوية، قال:
حدّثنا إسماعيل بن عيسى، قال: حدّثنا إسحاق بن بسر، قال: أخبرني جويبر عن الضحاك، ومقاتل بن سليمان عن الضحاك عن النزال بن سبرة، عن علي بن أبي طالب أنّه قال في الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ: «هو بحر تحت العرش، غمره كما بين سبع سماوات إلى سبع أرضين، وهو ماء
__________
(1) كنز العمال: 5/ 18 ح 11861 باختصار، والسنن الكبرى: 6/ 18 بتفاوت.
(2) تفسير القرطبي: 19/ 230.
(3) تفسير القرطبي: 17/ 61.
(4) تاج العروس: 5/ 46.