كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 9)

الأشعث عن فضيل بن عياض لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا قال: أخلصه وأصوبة، قلت: ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إنّ العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتّى يكون خالصا صوابا، والخالص: إذا كان لله، والصّواب: إذا كان على السنّة.
وقال الحسن: يعني أيّكم أزهد في الدنيا زهدا، وأترك لها تركا.
وقال سهل: أيّكم أحسن توكّلا على الله.
قال الفرّاء: لم يرفع البلوى على أي لأنّ فيما بين أي والبلوى إضمارا وهو كما يقول في الكلام: بلوتكم لأنظر أيّكم أطوع، ومثله سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ «1» أي سلهم وانظر أيّهم.
فأيّ رفع على الابتداء وأحسن خبره.
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً طبقا على طبق، بعضها فوق بعض، يقال: أطبقت الشيء إذا وضعت بعضه فوق بعض.
قال أبان بن تغلب: سمعت بعض الأعراب يذمّ رجلا فقال: شرّه طباق، وخيره غير باق.
قال سيبويه: ونصب طِباقاً لأنّه مفعول ثان.
ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ قرأ يحيى بن ثابت والأعمش وحمزة والكسائي:
من تفوّت بغير ألف، وهي اختيار أبي عبيد وقراءة عبد الله وأصحابه.
أخبرنا عبد الله بن حامد الورّاق، أخبرنا مكي بن عبدان، حدّثنا عبد الله بن هاشم، حدّثنا يحيى بن سعيد القّطان عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنّه كان يقرأ: من تفوّت.
قال الأعمش: فذكرت لأبي رزين فقال: لقد سمعتها من عبد الله فيما قبلتها وأخذتها، وقرأ تَفاوُتٍ، وهي قراءة الباقين واختيار أبي حاتم وهما لغتان مثل التّعهد والتّعاهد، والتحمّل والتحامل، والتطهر والتطاهر. ومعناه: ما ترى في خلق الرحمن من اعوجاج واختلاف وتناقض وتباين، بل هي مستوية مستقيمة، وأصله من الفوت، وهي أن يفوت بعضها بعضا لقلّة استوائها، يدلّ عليه قول ابن عبّاس: من تفرق «2» .
فَارْجِعِ فردّ الْبَصَرَ قال الفراء: إنّما قال فارجع وليس قبله فعل مذكور فيكون الرجوع على ذلك الفعل لأنّ مجاز الكلام: أنظر ثمّ ارجع البصر.
__________
(1) سورة القلم: 40.
(2) راجع زاد المسير لابن الجوزي: 8/ 58.

الصفحة 356