كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 9)

وبلغنا في بعض الأخبار إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة: يا نار أنضجي، يا نار أحرقي، وموضع السجود فلا تقربي
، وقال عطاء الخراساني: دخل في هذه الآية كلّ من حافظ على الصلوات الخمسة.
ذلِكَ الذي ذكرت مَثَلُهُمْ صفتهم فِي التَّوْراةِ وهاهنا تمّ الكلام، ثمّ قال:
وَمَثَلُهُمْ صفتهم فِي الْإِنْجِيلِ فهما مثلان كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ قرأه العامّة بجزم (الطاء) ، وقرأ بعض أهل مكّة، والشام بفتحه، وقرأ أنس، والحسن، ويحيى بن وثاب (شطاه) مثل عصاه. وقرأ الجحدري (شطه) بلا همزة، وكلّها لغات. قال أنس: (شَطْأَهُ) نباته، وقال ابن عبّاس: سنبلة حين يلسع نباته عن جنانه. ابن زيد: أولاده. مجاهد، والضحّاك: ما يخرج بجنب الحقلة فينمو ويتمّ عطاء جوانبه. مقاتل: هو نبت واحد، فإذا خرج ما بعده، فهو (شطأه) .
السدّي: هو أن يخرج معه ألطافه الأخرى. الكسائي: طرفه. الفراء: شطأ الزرع أن ينبت سبعا، أو ثمانيا، أو عشرا. قال الأخفش: فراخة يقال: أشطأ الزرع، فهو مشطي إذا أفرخ، وقال الشاعر:
أخرج الشطأ على وجه الثرى ... ومن الأشجار أفنان الثمر «1»
وهذا مثل ضربه الله تعالى لأصحاب محمّد (عليه السلام) يعني أنّهم يكونون قليلا، ثمّ يزدادون، ويكثرون، ويقوون، وقال قتادة: مثل أصحاب محمّد (عليه السلام) في الإنجيل مكتوب أنّه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر. فَآزَرَهُ قوّاه وأعانه وشد أزره فَاسْتَغْلَظَ فغلظ، وقوى فَاسْتَوى نما وتلاحق نباته، وقام عَلى سُوقِهِ أصوله يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ يعني أنّ الله تعالى فعل ذلك بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ.
أخبرنا عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق، أخبرنا أبو بكر محمّد بن يوسف بن حاتم بن نصر، حدّثنا الحسن بن عثمان، حدّثنا أحمد بن منصور الحنظلي، المعروف بزاج المروزي، حدّثنا سلمة بن سليمان، حدّثنا عبد الله بن المبارك، حدّثنا مبارك بن فضلة، عن الحسن في قوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قال: هو محمّد صلّى الله عليه وسلّم وَالَّذِينَ مَعَهُ أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه رُحَماءُ بَيْنَهُمْ عثمان بن عفّان رضي الله عنه تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً علي بن أبي طالب رضي الله عنه يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً طلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وسعيد، وأبو عبيدة الجرّاح سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ قال: المبشّرون عشرة أوّلهم أبو بكر، وآخرهم أبو عبيدة الجراح ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ قال: نعتهم في التوراة والإنجيل كمثل زرع قال: الزرع
__________
(1) فتح القدير: 5/ 56.

الصفحة 66