كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 9)

قال: في الذبح يوم الأضحى، وإليه ذهب الحسن، قال: لا تذبحوا قبل أن يذبح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وذلك أن ناسا من المسلمين ذبحوا قبل صلاة النبي صلّى الله عليه وسلّم فأمرهم أن يعيدوا الذبح.
وأخبرنا عبد الخالق، قال: أخبرنا ابن حيي قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي العوام الرياحي، قال: حدّثنا أبي. قال: حدّثنا النعمان بن عبد السّلم التيمي، عن زفر بن الهذيل، عن يحيى بن عبد الله التيمي عن حبّال بن رفيدة، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قالت: لا تصوموا قبل أن يصوم نبيّكم.
وروي عن مسروق أيضا، قال: دخلت على عائشة في اليوم الذي جئت فيه، فقالت للجارية: اسقيه عسلا، فقلت: إنّي صائم. فقالت: قد نهى الله تعالى عن صوم هذا اليوم، وفيه نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
وأخبرنا ابن منجويه، قال: حدّثنا عمر بن الخطّاب. قال: حدّثنا عبد الله بن الفضل. قال: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم. قال: حدّثني هشام بن يوسف، عن ابن جريح، قال: أخبرني ابن أبي مليكة أنّ عبد الله بن الزبير أخبرهم، قال: قدم ركب من بني تميم على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال أبو بكر: أمّر القعقاع بن معبد زرارة، وقال عمر: بل أمّر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلّا خلافي، وقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتّى ارتفعت أصواتهما، فأنزل الله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ... الآية [61] «1» .
وقال قتادة: نزلت في ناس كانوا يقولون: لو أنزل في كذا، لوضع كذا. فكره الله ذلك وقدّم فيه. مجاهد: لا تفتاتوا «2» على رسول الله بشيء حتّى يقضيه الله على لسانه «3» .
الضحّاك: يعني في القتال وشرائع الدين يقول: لا تقضوا أمرا دون الله ورسوله. حيان، عن الكلبي لا تستبقوا رسول الله بقول، ولا فعل حتّى يكون هو الذي يأمركم. وبه قال السدّي، وقال عطاء الخراساني: نزلت في قصة بئر معونة،
وقيل في الثلاثة الذين نجّوا الرجلين السّلميين، اللذين اعتزما إلى بني عامر وأخذهم مالهما وكانا من أهل العهد، فلمّا أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقد سبق الخبر إليه، فقال: «بئس ما صنعتم، هما من أهل ميثاقي وهذا الذي معكم من نسوتي «4» » ، قالا: يا رسول الله إنّهما زعما أنّهما من بني عامر، فقلنا: رجلان ممّن قتل إخواننا.
فقلنا: هما لذلك. وأتاه السّلميون، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا قود لهما لأنّهما اعتزما إلى
__________
(1) مسند أحمد: 4/ 6 وصحيح البخاري: 5/ 116 ط. دار الفكر.
(2) لا تفتاتوا: لا تبتدعوا الكلام وتفتوا برأيكم.
(3) تفسير الطبري: 26/ 150.
(4) كذا في المخطوط.

الصفحة 70