كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 9)

وروى ابن أبي مليكة عن أبي الزبير، قال: لمّا نزلت هذه الآية، ما حدّث عمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعد ذلك، فيسمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كلامه حتّى يستفهمه ممّا يخفض صوته، فأنزل الله سبحانه فيهم:
إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ إجلالا له أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى
أي اختبرها، فأخلصها، واصطفاها كما يمتحن الذهب بالنار، فيخرج خالصه، وقال ابن عبّاس: أكرمها.
وأخبرنا أبو سعيد محمّد بن موسى بن الفضل النيسابوري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمّد ابن عبد الله بن أحمد الإصبهاني، قال: حدّثنا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن عبد القريشي، قال:
حدّثنا محمّد بن يحيى بن أبي خاتم، قال: حدّثني جعفر بن أبي جعفر، عن أحمد بن أبي الخولدي، قال: سمعت أبا سلمان يقول: قال عمر بن الخطّاب في قوله: الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى قال: أذهب الشهوات منها لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ويقال: إنّ هذه الآيات الأربع من قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ إلى قوله: وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ نزلت في وفد تميم.
وهو ما
أخبرني أبو القاسم الحسن بن محمّد، قال: حدّثني أبو جعفر محمّد بن صالح بن هاني الورّاق سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، قال: حدّثنا الفضل بن محمّد بن المسيب بن موسى الشعراني، قال: حدّثنا القاسم بن أبي شيبة، قال: حدّثنا معلّى بن عبد الرّحمن، قال: حدّثنا عبد الحميد بن جعفر بن عمر بن الحكم، عن جابر بن عبد الله، قال: جاءت بنو تميم إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فنادوا على الباب: يا محمّد اخرج علينا، فإنّ مدحنا زين وذمّنا شين. قال: فسمعها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فخرج عليهم، وهو يقول: «إنّما ذلكم الله الذي مدحه زين وذمّه شين» «1» .
قالوا: نحن ناس من بني تميم، جئنا بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما بالشعر بعثت، ولا بالفخار أمرت، ولكن هاتوا» [65] «2» .
فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبابهم: قم فاذكر فضلك، وفضل قومك. فقام، فقال:
الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه وآتانا أموالا نفعل فيها ما نشاء، فنحن من خير أهل الأرض، من أكثرهم عدّة، ومالا، وسلاحا، فمن أنكر علينا قولنا، فليأت بقول هو أحسن من قولنا، وفعال هي خير من فعالنا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لثابت بن قيس بن شماس، وكان خطيب رسول الله: «قم فأجبه» .
__________
(1) أسباب نزول الآيات: 259.
(2) أسباب نزول الآيات للواحدي: 259.

الصفحة 73