كتاب فتح المنعم شرح صحيح مسلم (اسم الجزء: 9)

(فألقي في قبور اليهود) وفي الاستيعاب عن ابن أبي مليكة، قال: كنت أول من بشر أسماء بنزول ابنها عبد الله بن الزبير من الخشبة، فدعت بمركن وشب يمان، وأمرتني بغسله، فكنا لا نتناول عضوا إلا جاء معنا، فكنا نغسل العضو، ونضعه في أكفانه، ونتناول العضو الآخر الذي يليه، فنغسله، ثم نضعه في أكفانه، حتى فرغنا منه، ثم قامت، فصلت عليه.
(ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر، فأبت أن تأتيه، فأعاد عليها الرسول: لتأتيني، أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك - أي يجرك بضفائر شعرك - فأبت، وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني. قال: فقال: أروني سبتي - بكسر السين وإسكان الباء وفتح التاء وتشديد الياء، تثنية سبت، وهي النعل التي لا شعر عليها، فأخذ نعليه، ثم انطلق يتوذف - بفتح الواو والذال المشددة - أي يسرع، وقيل: يتبختر - حتى دخل عليها، فقال: كيف رأيتني فعلت بعدو الله؟ قالت: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك. بلغني أنك تقول له - ساخرا - يا بن ذات النطاقين، أنا والله ذات النطاقين، أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب، وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه) والنطاق - بكسر النون، قال العلماء: النطاق أن تلبس المرأة ثوبها، ثم تشد وسطها بشيء، وترفع وسط ثوبها، وترسله على الأسفل، تفعل ذلك عند معاناة الأشغال، لئلا تعثر في ذيلها، قيل: سميت أسماء ذات النطاقين، لأنها كانت تطارف نطاقا فوق نطاق، والأصح أنها سميت بذلك لأنها شقت نطاقها الواحد نصفين، فجعلت أحدهما نطاقا صغيرا، واكتفت به، والآخر لسفرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر رضي الله عنه، كما صرحت به في هذا الحديث هنا، ولفظ البخاري أوضح من لفظ مسلم، ولفظ البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: "وصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها، فربطت به على فم الجراب، فبذلك سميت ذات النطاقين". وفي رواية "ذات النطاق".
(أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذابا ومبيرا) بضم الميم وكسر الباء، وهو المهلك.
(فأما الكذاب فرأيناه) تعني به المختار بن أبي عبيد الثقفي، وكان شديد الكذب، ومن أقبح كذبه أنه ادعى أن جبريل عليه السلام يأتيه، قال النووي: واتفق العلماء على أن المراد بالكذاب هنا المختار بن أبي عبيد.
(وأما المبير فلا إخالك إلا إياه) "إخالك" بفتح الهمزة وكسرها، وهو أشهر، ومعناه أظنك، واتفق العلماء على أن المراد بالمبير هنا الحجاج بن يوسف

-[فقه الحديث]-
1 - في الحديث استحباب السلام على الميت في قبره وغيره.

الصفحة 602