كتاب صحيح ابن حبان - محققا (اسم الجزء: 9)

وأنجد: إذا دخل نجد، وَأَتْهَمَ: إِذَا دَخَلَ تِهَامَةَ، وَإِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ: أَحْرَمَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِنَفْسِهِ مُحْرِمًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ إِلَى مَكَّةَ فِي عَمْرَةِ الْقَضَاءِ، فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ، بَعَثَ مِنَ الْمَدِينَةِ أَبَا رَافِعٍ، وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى مَكَّةَ1 لِيَخْطُبَا مَيْمُونَةَ لَهُ، ثُمَّ خَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْرَمَ، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ، طَافَ، وَسَعَى، وَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ، وَتَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلَاثًا، ثُمَّ سَأَلَهُ أَهْلُ مَكَّةَ الْخُرُوجَ مِنْهَا، فَخَرَجَ مِنْهَا، فَلَمَّا بَلَغَ سَرِفَ، بَنَى بِهَا بسرف وهما حلالان، فحكى بن عَبَّاسٍ نَفْسَ الْعَقْدِ الَّذِي كَانَ بِمَكَّةَ وَهُوَ دَاخِلَ الْحَرَمِ بِلَفْظِ الْحَرَامِ، وَحَكَى يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ الْقِصَّةَ عَلَى وَجْهِهَا، وَأَخْبَرَ أَبُو رَافِعٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهُمَا حَلَالَانِ، وَكَانَ الرَّسُولُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ حَكَتْ مَيْمُونَةُ عَنْ نَفْسِهَا، فَدَلَّتْكَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَعَ زَجْرِ المصطفى عَنْ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَإِنْكَاحِهِ عَلَى صِحَّةِ مَا أَصَّلْنَا2 ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَخْبَارَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَتَضَادُ وَتَتَهَاتَرُ حَيْثُ عَوَّلَ عَلَى الرَّأْيِ الْمَنْحُوسِ، وَالْقِيَاسِ الْمَعْكُوسِ3.
__________
1 "مكة" لم ترد في الأصل، واستدركت من التقاسيم.
2 تحرفت في الأصل إلى "أطلقنا"، والتصويب من التقاسيم.
3 نقل الحافظ الزيلعي في نصب الراية3/173 كلام المؤلف هذا باختصار وتصرف.

الصفحة 447