كتاب صحيح ابن حبان - محققا (اسم الجزء: 9)

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: خِطَابُ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ مِمَّا نَقُولُ فِي كُتُبِنَا بِأَنَّ الْعَرَبَ تُطْلِقُ فِي لُغَتِهَا اسْمَ الشَّيْءِ الْمَقْصُودِ عَلَى سَبَبِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْمُسْلِمُ إِذَا تَقَرَّبَ إِلَى بَارِئِهِ جَلَّ وَعَلَا بِالطَّاعَةِ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرُجِيَ لَهُ قَبُولُهَا، وَثَوَابُهُ عَلَيْهَا الْجَنَّةُ، أَطْلَقَ اسْمَ الْمَقْصُودَ الَّذِي هُوَ الْجَنَّةِ عَلَى سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ الْمِنْبَرِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: "رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ" وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي" لِرَجَاءِ الْمَرْءِ نَوَالَ الشُّرْبِ مِنَ الْحَوْضِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ بِطَاعَتِهِ فِي الدُّنْيَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَائِدُ الْمَرِيضِ فِي مَخْرَفَةِ الْجَنَّةِ" 1، لَمَّا كَانَ عَائِدُ الْمَرِيضِ فِي وَقْتِ عِيَادَتِهِ يُرْجَى لَهُ بِهَا التَّمَكُّنُ مِنْ مَخْرَفَةِ الْجَنَّةِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ أَطْلَقَ اسْمَ ذَلِكَ الْمَقْصُودِ عَلَى سببه نحو هَذَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَنَّةُ تحت ظلال السيوف2، ولهذا نظائر
__________
= ومن هذه الطريق أخرجه أحمد 2/465-466 و 533، والبغوي 452. ولكن رواه أحمد والبخاري من طريق مالك عن خبيب عن حفص عن ابي هريرة.
وحديث أبي سعيد أخرجه أبو نعيم في أخبار أصفهان 1/92.
وأخرجه الترمذي 3915 من طريق أبي سعيد المعلى عن علي وأبي هريرة. وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث علي.
وقوله: "روضة من رياض الجنة" قال الحافظ في الفتح 4/120: أي: كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة، وحصول السعادة بما يحصل من ملازمة حلق الذكر لا سيما في عهده صلى الله عليه وسلم فيكون تشبيهاً بغير أداة. أو المعنى: أن العبادة فيها تؤدي إلى الجنة فيكون مجازاً، أوهو على ظاهره، وأن المراد أنه روضة حقيقية بأن ينتقل ذلك الموضع بعينه في الآخرة إلى الجنة، هذا محصل ما أوله العلماء في هذا الحديث وهي على ترتيبها في القوة.
1 صحيح وقد تقدم عند المصنف برقم 2957 من حيدث ثوبان.
2 سيأتي عند المصنف برقم 4598 م حديث أبي موسى الأشعري.

الصفحة 66